110تحت عنوان : باب أنّ الدعاء بعرفة مستحب مؤكّد وليس بواجب 1 ، كما ذكرهما العلامة الحلّي في المختلف دليلاً على عدم الوجوب 2 .
مناقشة أدلّة النظرية الأولى :
وقد نوقش الاستدلال بهذه الروايات من جهات هي :
أولاً : إنّ الأصحاب متسالمون على عدم الوجوب ، مما يمنع عن الحكم به 3 .
ويناقش بأنّ تسالم الأصحاب هنا وإن خُدش بشكل بسيط بمثل الحلبي ، غير أنّه محتمل المدركية جداً ، فلربما اعتمدوا على خبري الموصلي والأزدي كما فعل العلامة الحلّي ، ومعه لا مجال لأخذ تسالمهم حجةً .
ثانياً : إن بعض هذه الروايات - مثل صحيح معاوية بن عمار - قد أمر بأدعية مخصوصة ، نعلم قطعاً عدم وجوبها ، مما يكشف عن الاستحباب 4 .
وقد يقال : إننا نأخذ بدلالة الوجوب فيما لم تقم قرينة على خلافه ونترك دلالة الوجوب فيما قامت قرينة على الاستحباب .
إلّا أنّ ذلك ضعيف ؛ فإن العرف - لا أقلّ - يتردّد في استفادة الوجوب من أوامر سبقها أو لحقها أوامر عديدة عُلِمَ الاستحباب في موردها ، ومعه لا ينعقد ظهور في الوجوب فيها ، نعم ، مبدأ الدلالة فيها موجود ، يمكن دعمه بتعاضد الأخبار أو تأييد الآيات وما شابه ذلك ، ومن ثم يكون محتاجاً لكي يرتقي إلى درجة الظهور إلى مساعدٍ خارجي ، كما سنشير إلى أنموذج له لاحقاً .
ثالثاً : إنّ الظاهر من خبر الموصلي أن الإساءة إنما كانت للجزع والبكاء