103التعيين والتخيير بأن : مرجع التخيير إلى جعل العدل للواجب كما أن مرجع التعيين إلى عدم جعل البدل ، ولا أصل ينفي التعيين ؛ نعم لو كان هناك إطلاق لفظي في الأمر بشيء فإن مقتضاه كون الواجب تعيينياً ؛ ولكنه خلف المفروض ؛ حيث إن الأمر إنما يصل إلى الاُصول العملية حيث لا دليل إجتهادي .
وفي هذا الفرض لما كان مآل احتمال التعيين إلى عدم جعل عدل للواجب لم يكن هناك ما ينفي ذلك؛ لأنّ أصل البراءة إنما ينفي الأمر الوجودي الذي في رفعه توسعة على العباد . وعدم جعل البدل ليس أمراً وجوديّاً ؛ والأمر الوجودي هو جعل البدل ؛ وكان حديث الرفع يعمّه لولا أن في رفعه التضييق ؛ وهو خلاف الامتثال ؛ ويضادّ المقصود أيضاً من الحكم بالبراءة عن التعيين .
وبالجملة ، فلا أصل ينفي التعيين ؛ بل قاعدة الاشتغال تقتضي التعيين ؛ للشك في سقوط ما علم التكليف به بفعل ما يحتمل كونه عدلاً . بلا فرق بين كون حقيقة الوجوب التخييري هي : وجوب مشروط في كل من العدلين بترك الآخر أو أنها سنخ آخر من الطلب يقابل الوجوب التعييني 1 .
ويرد عليه: أوّلاً: أنه وإن لم يكن عدم جعل العدل للواجب أمراً مجعولاً في الأزل ، ولكن استمراره في حيطة اختيار الشارع ؛ حيث يمكنه جعل البدل ورفع العدم الأزلي ؛ فيكون بقاء عدم الجعل في حوزة اختياره ؛ ويكفي في صحة الرفع كون اختيار الشيء وجعله بيده .
فكما يمكن للشارع رفع استمرار عدم الجعل ، بجعل البدل ، يمكنه الإبقاء عليه . ولا قصور في عموم حديث الرفع عن شمول الاُمور العدميّة ؛ بعد كونها تحت اختياره . فكما أن الاُمور الوجودية المشكوكة تندرج في عموم حديث الرفع كالوجوب والتحريم المشكوكين ، كذلك الاُمور العدميّة إذا كان في رفعها توسعة ومنّة .