20
الفرع الثالث: الاستنابة ومشروعيّتها
الظاهر أنّه لا تصل النوبة إلى الاستنابة إلّاعلى قول من يذهب إلىٰ وجود حدّ للمطاف، إذ يلزمه طبعاً الافتاء بلزوم الاستنابة وعدم صحّة الطواف من الطابق الأوّل، لا من جهة كونه أعلى من البيت بل من جهة كونه خارجاً عن حدّ المطاف.
ويأتي هنا بحث وهو أنّه على القول بوجود الحدّ إذا أمكنت الاستنابة وجبت عليه، وأمّا إذا لم تمكن وعلم الحاج - ابتداءً قبل الشروع في الإحرام - أنّه غير قادر على الطواف لا بنفسه ولا بالاستنابة، فهل يكون إحرامه صحيحاً أم لا؟
يمكن أن يقال بعدم وجوب الحجّ في هذا الفرض؛ إمّا من جهة أنّ عدم القدرة على الجزء أو الشرط موجب لعدم القدرة على المركب والمشروط، فيسقط وجوب الحجّ لأجل عدم توجّه التكليف والخطاب نحو المخاطب، بناءً على ما أسّسه المحقّق النائيني من أنّ شرطية القدرة تستفاد من اقتضاء الخطاب لا من حكم العقل، أو أنّ عدم القدرة موجب لكون توجّه التكليف إليه قبيحاً على مبنى المشهور القاضي بحكم العقل بقبح تكليف العاجز، كلّ ذلك بناءً على شرطية القدرة في التكليف؛ إمّا من اقتضاء نفس الخطاب أو من حكم العقل.
وأمّا بناءً على عدم شرطية القدرة فيه والقول بأنّ الخطاب يشمل العاجز كما أنّه يشمل القادر، غايته أنّ العاجز معذور في ترك الامتثال، وهو ما ذهب إليه السيّد الإمام الخميني والسيّد الخوئي0. . . فيكون العجز عن الجزء مساوقاً للعجز عن المركب، فيكون معذوراً في ترك الامتثال.
وبعبارة اُخرى، الوجوب الواحد في المركب يسقط بتعذّر جزء من الأجزاء، فإذا تعذّر أحد الأجزاء يسقط الوجوب عن الباقي بمقتضى القاعدة الأوّلية، نعم قد يدلّ الدليل الخاص على بقاء الوجوب في الباقي كما في باب الصلاة.
إن قلت: قد حقّق في محلّه أنّ الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور، فإذا كان بعض أفراد الطبيعة المأمور بها مقدوراً ولكن بعضها الآخر غير مقدور يصحّ التكليف بالطبيعة من هذه الجهة.