16
إنّ المستفاد من أدلّة القبلة والطواف ووحدة التعبير في كليهما - حيث جعل الملاك في كلّ واحد منهما البيت - أنّه كما يكون الفوق صالحاً للاستقبال يكون صالحاً للطواف أيضاً، ولولا هذه الرواية لأمكن أن يقال بأنّ هذا أمر عرفي لا ريب فيه، ومراجعة الأسئلة الواردة في الروايات تشعر بذلك، فإنّ الناس كانوا يصلّون - ارتكازاً - فوق جبل أبي قبيس، فهم وإن سألوا بعد العمل إلّاأنّ عملهم هذا كان مطابقاً لارتكازهم.
هذا كلّه، مضافاً إلى عموم التنزيل المستفاد من قول النبيّ صلى الله عليه و آله: «الطواف بالبيت صلاة» ، فإنّه دالّ على أنّه كما يمتدّ البيت في الصلاة علوّاً وسفلاً فكذلك في الطواف.
والدليل على عموم التنزيل أنّه قد استثنىٰ في الرواية مورداً واحداً قال:
«الطواف بالبيت صلاة إلّاأنّ اللّٰه تعالى أحلَّ فيه النطق» ، وهذه الرواية وإن كانت غير مسندة من طرقنا سوى ما عن عوالي اللئالي 1، إلّاأنّ جمعاً من كبار الفقهاء قد
استند إليها واستدلّ بها:
فقد استدلّ الشيخ 2بها، كما استدلّ العلّامة على وجوب القيام في الطواف
وقال: «قد ثبت وجوب القيام في الصلاة فكذا فيه» 3، وكذا على شرطية الستر
فقال: «ستر العورة شرط في الطواف» 4.
واستدلّ بها الشهيد الثاني، مصرّحاً بالإطلاق حيث قال: «مستند ذلك إطلاق قوله صلى الله عليه و آله الطواف بالبيت صلاة خرج منه ما أجمع علىٰ عدم مشاركته لها فيه فيبقى الباقي» 5.