73بناءٍ مدوّر، وظاهر الرواية نهي الرجال عن ركوب القبّة دون النساء، غير أنّها لا دلالة فيها في حدّ نفسها على أن الحرمة كانت من باب التظليل، فلعلّ النهي فيها منصبّ على حرمة ركوب القبّة بعنوانها، وهو أمرٌ مترقّب في القضايا التوقيفيّة شديدة التعبّد كما هو الحال في الحج، فيحتاج لتتميم دلالتها إلى معونة النصوص الأخرى.
الرواية الثانية: صحيحة عبد اللّٰه بن المغيرة قال: «قلت لأبي الحسن الأوّل عليه السلام: أظلّل وأنا محرم؟ قال: لا، قلت: أفأظلّل وأكفّر؟ قال: لا، قلت: فإن مرضت؟ قال: ظلّل وكفّر، ثم قال: أما علمت أن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله قال: ما من حاجّ يضحى ملبّياً حتى تغيب الشمس إلاّ غابت ذنوبه معها» . والرواية مروية في التهذيب والاستبصار والفقيه والعلل 1.
والرواية ظاهرة في حرمة التظليل بعنوانه حتى لو كفّر المحرم، وسندها تام، إلا أنّه نوقش في دلالتها بأمور:
أولاً: ما نقله العلامة المجلسي عن والده وارتآه بعض المتأخرين 2من أنه ربما يفهم من التعليل الكراهة، ذلك أنها بصدد الحثّ على فعل ما يوجب غفران الذنوب لا بصدد الإلزام.
والجواب: إنّ مجرّد استخدام الإمام عليه السلام عنصراً ترغيبياً لا يسقط دلالة النهي عن الحرمة، فالنصوص التشريعية - ومنها القرآنية - كثيراً ما مزجت بين النص الفقهي القانوني والنص الأخلاقي والروحي، والفصل بين هذين اللسانين إنّما هو ظاهرة متأخرة سببها تطوّر علم الفقه واكتسابه فيما بعد لغة قانونية جافّة 3، وإلا