61لأنّ الزوار لهذه المراقد يذكرون في هذه الزيارات فضائل أصحابها، وجهادهم وإقامتهم للصلاة وإيتاءهم للزكاة، وما تحمّلوا في طريق ذلك من الأذى والعذاب، مضافاً إلى مشاطرة النبيّ الكريم - بهذا التعاطف مع ذريته المظلومين - حُزْنَهُ صلى الله عليه و آله عليهم.
أليس هو القائل في قضية استشهاد حمزة: «ولكنَّ حمزةَ لا بواكي له» (كما في كتب التاريخ والسيرة) ؟
وأليس هو بكى في موت إبراهيم ولده العزيز؟
وأليس كان يقصد البقيعَ لزيارة القبور؟
وأليس هو القائل: «زوروا القبور فإنها تذكّرُكُمْ بالآخرة» 1؟
نعم، إنّ زيارة قبور الأئمّة من أهل البيت النبويّ وما يُذكَر فيها من سيرتهم ومواقفهم الجهادية تذكِّر الأجيالَ اللاحقة بما قدّمه أولئك العظماءُ في سبيل الإسلام والمسلمين من تضحياتٍ جِسام، كما وتزرع فيهم روحَ الشَّجاعة والبَسالة والإيثار والشهادة في سبيل اللّٰه.
إنّه عَمَلٌ إنسانيٌّ حضاريٌّ عقلائيٌّ، فالأُمم تخلّد عظماءَها، ومؤسّسي حضاراتها، وتحيي مناسباتهم بكلّ شكلٍ ولونٍ، لأنَّ ذلك يبعث على الافتخار و الاعتزار بقيمهم، ويزيد من التفاف الأمم حولها وحول قيمها.
وهذا هو نفس ماأراده القرآن عندما أشاد في آياته بمواقف الأنبياء والأولياء والصالحين وذكر قصصهم.
31- والشيعة الجعفريّة يَستشفِعُون برسول اللّٰه صلى الله عليه و آله والأئمة من أهل بيته المطهرين ويتوسَّلون بهم إلى اللّٰه تعالى، لمغفرة الذنوب، وقضاء الحوائج، وشفاءِ المرضىٰ، لأنّ القرآن هو الذي سَمَح بذلك بل دعىٰ إليه، حيث قال:
وَلَوْأَنَّهُمْ إِذْظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جٰاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّٰهَ واسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ