75وهذا النصّ الفقهي من أقوى النصوص الدالّة هنا، إلّاإذا قيل - رغم أنّ النصّ دلالته هذه المرّة أضعف - أنّ الجمرة عنده هي مجموع العمود ومجمع الحصى، ومن هنا كان بالإمكان رمي الطرف الآخر.
وعلى أيّة حال، فلم يقم نصّ فقهي حاسم عدا نصّ النووي المعتدّ به، وأمّا النصوص الفقهيّة المتأخّرة كصاحب الجواهر فلا يرجى من البحث فيها كثير فائدة بعد ما قدّمناه.
البحث اللغوي
أحد الأدلّة التي استدلّ بها القائلون بأنّ الجمرة هي الأرض ومجمع الحصى، كان الدليل اللغوي، حيث نصّ اللغويّون على أنّ الجمرة هي موضع الحصى ومجمعه، ولم يأت اللغويّون على ذكر العمود كمعنى للجمرة، وإذا ضممنا ذلك إلى أنّ الجمرة ليست من الألفاظ ذات الحقيقة الشرعية أو المتشرّعية، ثبت أنّ المرجع في تحديدها هو مصادر اللغة وما تحدّده الكلمة من مدلول في الفهم العربي العام، وبهذا يثبت أنّ الجمرة هي موضع الحصى لا العمود 1.
وقد ناقش البعض في هذا الاستدلال من وجوه:
أوّلاً: إنّ الجمرة صارت علماً بالغلبة على العمود كما هو المتبادر منها اليوم، ومعه فالأصل اللغوي لا يكون مرجعاً بعد ذلك 2.
ويناقش: بأنّ كونه علماً بالغلبة اليوم على العمود لا يفيد شيئاً، ذلك أنّنا نريد معرفة مدلول الكلمة في ألسنة الروايات حتّى نحدّدبذلك موضوع الحكم الشرعي، وأوّل الكلام أنّها علم بالغلبة على العمود في زمن النصّ، فهذا خلط بين الظهور