54وهناك يسهب الفقهاء في الحديث عن مسألة الترتيب في رمي الجمار الثلاث، وكذلك مسألة السهو في رمي بعضها أو بعض الحصيات من بعضها. . .
ويوكلون أحكامه وكيفيّته عادةً على ما أسلفوا بيانه في رمي جمرة العقبة يوم النحر (العيد) .
وفي ثنايا مسائل رمي الجمرات، ثمّة موضوعات هامّة تستدعي البحث والتحقيق، وسوف نحاول في هذه الوريقات التعرّض لبعض هذه الموضوعات ذات الإشكالية، وذلك من زاويةٍ تاريخيّة بحتة أو فقهيّة كذلك، ونركّز نظرنا حول مبحثين أساسيّين هما: تحديد هويّة الجمرة، وشرطية إصابة الجمرة.
المبحث الأوّل: الجمرات وتحديد هويّتها
المعروف اليوم - حينما تطلق كلمة الجمرات أو الجمار - أنّها تلك الأعمدة المنصوبة في منى، غير أنّ بحثاً أُثير حول مدى حداثة هذه الأعمدة، وهل هي أبنية استجدّت بعد عصر النصّ أو أنّها كانت موجودة حينه؟ ومن الواضح أنّ هذا بحثٌ تاريخيّ خارجي، له أثر فقهي كما سنلاحظ.
ثمّة وجهتا نظر:
الاُولى: إنّ هذه الأعمدة هي الجمرات عينها، ومن ثمّ ينبغي التعامل مع نصوص الرمي للجمار، بنحوٍ نطبّقها على الأعمدة الموجودة حالياً.
الثانية: إنّ هذه الأعمدة ظاهرة مستجدّة، والجمار في الحقيقة، وهو ما تعنيه الروايات، ليس سوى تلك المجموعة من الأحجار المتراكمة، أي أنّ مساحتها أوسع من مجرّد مساحة العمود، فهي تشمل الأرض المحيطة أيضاً.
ويترتّب على هذا الفارق إمكانية رمي هذه المساحة على القول الثاني، دونه على القول الأوّل، إذ عليه أقصى ما يمكن رميه، هو العمود على تقدير وجوده، أو