89شيعتهم الالتزام بها في تلك المواقع و الأماكن، بل جعلوا مخالفتها في بعض الأمور مبطلة لأصل العمل، إضافة الى ما يترتب على ذلك من إثم. . . حفظاً للوحدة بين المسلمين. وأنّ الوحدة أهم بكثير من إظهار فرع من الفروع، أو معتقد من المعتقدات؛ حتى وإن كان حقاً لا ريب فيه.
ولا يعني هذا عدم السماح بأن يظهر الانسان الشيعي معتقده وآراءه للآخرين، ويدعو لها، بل له أن يدعو لآرائه و أفكاره بشرط الحكمة والموعظة الحسنة، وبعيداً عن الإثارة والتعصب، وكلّ ما من شأنه خلق الانفعالات و الاختلافات وما يسيئ الى وحدة الصف، التي هي أهم من كلّ شيء.
لقد وجدت أنّ هذه القاعدة، المعروفة من بين كثير من القواعد الفقهية، التي يعتمدها الفقهاء في أحكامهم و فتاواهم، وجدت هذه القاعدة تتجلّى فيما يخصّ فريضة الحج، بل و التواجد المستمر في البقاع المقدسة، سواء لأداء الحج فرضاً أو استحباباً، أو العمرة وزيارة النبي صلى الله عليه و آله و البقاع المقدسة الأخرى للأئمة عليهم السلام. . .
ولهذه القاعدة دور مهم في كلّ مايصدر من الفقهاء سواءً أكان أحكاماً وفتاوى، أم في تحديد مواقف الشيعة و آرائهم. . . التي لابد من أن تنبثق من هذه القاعدة، وتصدر على ضوئها؛ لما يترتب على ذلك كله من أهداف كبرى و غايات نبيلة تصب في صالح الاسلام و المسلمين. . .
فهذا الذي جعلني أفرد لهذه القاعدة بحثاً خاصاً يتصف بالاختصار، بحثاً يتناول معناها وأدلتهاو مصاديقها الخاصة، وبعض الأمور التي تتعلق بها. . .
فمصاديق هذه القاعدة، يمكن أن تقع في نواح أخرى وأماكن غير الحجاز، إلّا أنّ مصاديقها كثرت في هذه الأمكنة، لخصوصياتها الكثيرة ولأنها الملتقى العام لأبناء المذاهب الاسلامية، ومحل ابتلاء أبناء الطائفة الشيعية بالخصوص، ولأنّ الحج هوالمحك الذي يطّلع من خلاله اتباع كلّ مذهب على ما عند المذهب الآخر