56يقفوا على فداحة الكارثة، التي ألمّت بهم من جراء تسلّم بني أُميّة لمنصّة الحكم، وقد جاءت خطبته في كتب السير والتاريخ، فمن أراد فليرجع إليها.
وبعد ذلك: إنّ في سيرة المسلمين لدليلاً واضحاً على أنّ الحجّ ملتقى سياسي وراء كونه عملاً عبادياً، فانّ الاصلاحات الجذرية التي قام بها المفكّرون المسلمون قد انعقدت نطفها في الأراضي المقدّسة وفي موسم الحجّ، فحملوا الفكرة التي تبنّوها في جوار بيت اللّٰه الحرام وفي ذلك الُمحتشد العظيم، ثمّ غذّوها بفكرتهم وتجاربهم إلى أن أُتيحت لهم الفرص لبناء مجتمع طاهر أو حكومة عادلة أو ثورة عارمة في وجه الطغاة والظالمين، وبذلك يتّضح أنّ الحجّ الإبراهيمي ليس مجرد طقوس وسنن يقوم بها الفرد أو الجمع في أيّام معلومات، بل فيه آية العبادة وشارة السياسة، وفيه منافع للمسلمين في عاجلهم وآجلهم، فيجب على المسلمين احياء هذه السنّة الكريمة الحجّ الحقيقي، الذي وضع حجره الأساس إبراهيم الخليل عليه السلام كلّ ذلك بفضل الحجّ وببركة ذلك الُمحتشد العظيم.