191قاضية نافذة، يروي بها ظمأ الهاجرة في فؤاده، لولا أن صاح به عبد الرحمن بن عوف، فيقول: أي بلال. . إنّه أسيري.
لم يقنع بلال نفسه بهذا الأسر، لرأس طالما أثقله الكبر والغرور. . وهنا وقف بلال وهو في أعلى درجات غضبه، كاسف البال مهموماً، فهو يريد أن ينتقم من أكبر أعداء اللّٰه والإسلام. لكن حمى عبد الرحمن بن عوف مصون. .
فقد غنم أدراعاً يوم بدر فمرّ بأميّة بن خلف وابنه، فقال له: نحن خير لك من هذه الأدرع - أيخذنا أسيرين نسلم من القتل وتأخذ فداءنا فطرح الأدرع وأخذ بيدهما ومشىٰ بهما. . إلّاأنّه خسر الأدرع وخسر أسيره أميّه، فقد قتل هذا الأخير حتّىٰ قال عبدالرحمن: رحم اللّٰه بلالاً ذهبت إدراعي وفجعني بأسيري.
فقد التفت بلال إلى الجموع المقاتلة من المسلمين ليؤلّبهم ويستعديهم على هذا الظالم، وإن تركه هو رعايةً لحمى عبد الرحمن، فليروا رأيهم فيه، وهو يتمنّى أن لا يتركوه حيّاً. . فإن لم يستطع أن يشفي بيده قلبه. . . فليدع الأمر لهم.
فصاح بهم إنّه أميّة بن خلف، يا أنصار اللّٰه، رأس الكفر أميّة بن خلف. . لا نجوت إن نجا. . إلّاأنّه حيل بينه وبين ما يريد. .
فانقضّ عليه المسلمون ضاربين حرابهم ومسدّدين قذائفهم إلى صدر غريمهم، وعدوّ الإسلام، وفي هذه اللحظة لم يستطع عبد الرحمٰن بن عوف أن يحميه 1.
وهناك من يقول: إنّ بلالاً هو الذي قتله، حتّىٰ قال فيه أحد الشعراء أبياتاً منها قوله:
هنيئاً زادك الرحمن خيراً
فقد أدركت ثأرك يا بلال 2