38العالم الإسلامي.
ورأى السيِّد رشيد أنّ تلك الفروع تُرسل كلّ عامٍ مندوبين عنها إلى مركز المؤتمر أثناء موسم الحج، فيحضرون الاجتماع السنوي، ثمّ يعودون بالمقرّرات إلى بني قومهم، ويطمئن رضا أمير المؤمنين باسطنبول إلى نواياه ومقاصده، فيخبره أنّه اختار مكّة بدلاً من اسطنبول، لبُعدها عن تدخّلات الأجانب، واستخباراتهم، ولإمكان اجتماع المسلمين بها بدون حرج سواءٌ أكانوا مواطنين عثمانيّين أم لا (18) .
ويتابع رضا (وربما محمّد عبده) أنّه آن الأوان لتصحيح أفهام المسلمين للحجّ؛ وذلك أنّه لا ينحصر بأداء الشعائر بدقّةٍ وأمانةٍ والتزام، بل هو أيضاً فرصة لتشاور المسلمين في قضاياهم ومشكلاتهم، والتعرّف العميق على اُمّتهم، والإحساس بالمسؤولية عن الشأن الإسلامي العامّ؛ أفليس الحجّ عرفة؟ وأليس معنى عرفة التعارف؟ ! أمّا الثمرات المباشرة لهذا التعارف فينبغي أن تتمثّل في إصدار مجلة إسلامية تكافح البدع والتقاليد البالية، وتدعو للنهوض والتجدّد والتوحيد.
وإصدار كتاب يتضمّن العقائد الإسلامية الرئيسيّة ويوافق عليه السلطان (19) .
ويبدو من مقالةٍ لرشيد رضا في المجلّد الثاني من المنار عام 1899م أنّ دعوته ودعوة عبده لم تلقَ ترحيباً من أنصار العثمانيّين بالقاهرة (20) . وربما كان من بين هؤلاء علماء الأزهر، ودعاة الجامعة الإسلامية العثمانية من الوطنيّين المصريّين من وراء مصطفى كامل. فقد اقترحوا - كما يقرّر رضا - اسطنبول مقرّاً للجمعية، ومؤتمرها السنوي.
ويرد رضا بالعودة لشرح أسباب اختياره مكّة. ثمّ يقول: إنّ السلطان نفسه لا يريد المؤتمر باسطنبول، بدليل أنّ الصحف العثمانية كلّها لم تذكر شيئاً عن ذلك.
إنّ اُطروحة المنار هذه، والتي تعتبر السلطان العثماني عضواً رئيسيّاً في المؤتمر المكّي لا تقصد إلى مُعاداته، بل هدفها القول: إنّ المشكلات التي يعاني منها المسلمون أوسع وأعمق من أن تستطيع السلطنة حلّها. ومكّة توفِّر شرطين