36التي يعتنقانها من طريق إصدار مجلّة «العروة الوثقى» التي انصبّت مقالاتُها على أربعة اُمور: الدعوة للوحدة، والدعوة للتقدّم، وقراءة أسباب الخلل والتخلّف، وإيضاح خلفيات الأحداث الجارية.
وفي سياق المعالجة لأسباب الضعف، والحثّ على النهوض، عادت فكرة المؤتمر، وفي مكّة بالذات، وأثناء موسم الحجّ، إلى الظهور، فقد جاء في مقدّمة العدد الأوّل من «العروة الوثقى» (13) : «. . وبما أنّ مكّة المكرّمة مبعث الدين ومناط اليقين، وفيها موسم الحجيج العام في كلّ عام يجتمع إليه الشرقي والغربي، ويتآخى في مواقعها الطاهرة الجليل والحقير والغنيّ والفقير، كانت أفضل مدينةٍ تتوارد إليها أفكارهم، ثمّ تنبثُّ إلى سائر الجهات، واللّٰه يهدي من يشاء إلى سواء السبيل. .» .
وفي مقالةٍ عنوانها «الوحدة والسيادة» تقول «العروة الوثقى» (14) :
«إنّ الميل للوحدة والتطلّع للسيادة وصدق الرغبة في حفظ حوزة الإسلام، كلّ هذه صفاتٌ كامنةٌ في نفوس المسلمين قاطبةً. ولكن دهاهم بعض ما أشرنا إليه في أعدادٍ ماضيةٍ فألهاهم عمّا يوحي به الدين في قلوبهم، وأذهَلَهم أزماناً عن سماع صوت الحقّ، فسهوا وماغَوَوا، وزلّوا وما ضلّوا، فَمَثَلُهم مَثلُ جُوّاب المجاهيل من الأرض في الليالي المظلمة، كلٌّ يطلبُ عوناً وهو معه ولكن لا يهتدي إليه. وأرى أنّ العلماء العاملين لو وجّهوا فكرتهم لإيصال أصوات بعض المسلمين إلى مسامع بعضٍ؛ لأمكنهم أن يجمعوا بين أهوائهم في أقرب وقت. وليس ذلك بعسيرٍ عليهم بعدما اختصّ اللّٰه من بقاع الأرض بيته الحرام بالاحترام، وفرض على كلّ مسلمٍ أن يحجّه ما استطاع.
وفي تلك البقعة يحشُرُ اللّٰه من جميع رجال المسلمين وعشائرهم وأجناسهم فما هي إلّاكلمةٌ تُقال بينهم من ذي مكانةٍ في نفوسهم تهتزُّ لها أرجاء الأرض، وتضطربُ لها سواكن القلوب.
هذا ما أعدّتهم له العقائد الدينية، فإن أضفت إليه ما أذاب قلوبهم من تعدّيات الأجانب عليهم، وما ضاقت به