219القُضاة في قضائها، مقتدين بعلمه في مشروع آدابها، وعُدنا إلى البيت الحرام نطوفُ به ونستلم، ونُقبِّل أركانه ونلتزم، ونصير عند استلام الحَجَر على اصطلاء الاصطرام، ونغتفر الزحام عند الورود على منهله، والمنهل العذب كثيرُ الزحام، فكمْ بِتُّ في صُحبته ليالي أيّام الكعبة، نستنزلُ الألطاف بالمطاف، ونلذُّ المُقام بين الرُّكن والمَقام، وعرضتُ على سمعه الكريم قصيدة في الكعبة، من جملتها:
تبدَّتْ وقد مَدّت عليها سُتُورها
وحين طفنا طواف الوداع، وتعيّن العزْمُ على الأزماع 1، وَدّعنا البيتَ الحرام، والدُّموع تستوقف القَطار، وتستوكف الأمطار، ولمّا وصلنا إلى رأس وادي العقيق 2، وتراءت لنا بعد البعاد أعلام ذلك الفريق، أعجلني فَرَق الفراق عن استكمال الخطّ مِنْ فَرَح التّلاق، فأنشدتُ قصيدة من جُملتها:
ذاك الفراقُ وإنْ أصمّ مَسامِعي