201كذلك امتناعه عن جملة من الاحتياجات النفسيّة والبيولوجيّة (المجامعة، والزواج) تركز في ذهن المسلم مفاهيم التوازن والقدرة على التحمّل والحرمان، والقدرة على التضحية والإيثار، وتصليب الإرادة والجسد في وجه احتياجاته المادّية والنفسية المختلفة، أيبجملة تأكيد وممارسة نهج تربوي، فردي وجماعي علىٰ قاعدة التوحيد، قادر علىٰ تجاوز الحالة السلبيّة التي يعيشها الإنسان تجاه حاجاته وممتلكاته المختلفة.
وفي الحجّ تنمية وتطوير للطاقات العاطفيّة الإيجابيّة نحو الآخرين، وتأكيد لقدرة الإنسان علىٰ تجاوز عواطفه الفرديّة والتضحية بها من أجل المجموع.
تلك هي دلالات قصّة إبراهيم الخليل وزوجته هاجر، والتجربة التي خاضاها في مراحل مختلفة في الهجرة إلىٰ هذا المكان النائي (مكّة) ، وفي سعيها لإيجاد الماء، وفي قرار ذبح ولده إسماعيل. . .
استحضار التاريخ
قصّة إبراهيم في القرآن:
«ولد إبراهيم في بيت سادن من أعظم سدنة البلد، ينحت الأصنام ويبيعها ويقوم على الهيكل الكبير، ويتّصل به عن طريق العقيدة، وعن طريق الخدمة. . .» .
ولكن في هذا المناخ السلطوي الوثني، قام إبراهيم بتحطيم الأصنام. . . وما تبع ذلك من أحداث 1. . . أدّت إلىٰ رحيله إلىٰ بلاد الشام. . . ومن ثمّ أمر بالتوجّه إلىٰ وادٍ ضيّق، أحاطت به الجبال الجرداء من كلّ جانب، وقسا عليه الجوع، يؤمر بترك زوجته والمولود الصغير. . . فيرضىٰ بالأمر الواقع، ويغلب على الطفل العطش، ممّا يدفع الأم للبحث عن الماء، معتبرة أنّ «البحث عن الأسباب لا ينافي الإيمان والثقة باللّٰه، فهي مضطربة في غير يأس، ومؤمنة في غير تعطل وتواكل» 2.