125
فلا جُناح عليه أن يطوّف بهما ثمّ راح يقسم لها بقوله: فواللّٰه ما على أحدٍ جُناح، أو ما أرىٰ علىٰ أحد لم يطف بين الصفا والمروة شيئاً، وما أبالي ألّاأطوف بينهما.
فأجابته بقولها:
بئس ما قلت ياابن اُختي، إنّ هذه الآية لو كانت كما أوّلتها عليه كانت لا جُناح عليه ألا يتطوّف بهما، ولكنّها أنزلت في الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلّون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدون بالمشلّل، وكان مَن أهلّ لها يتحرّج أن يطوف بالصفا والمروة، فلمّا أسلموا سألوا رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله عن ذلك؛ قالوا: يارسول اللّٰه إنا كنّا نتحرّج أن نطوف بالصفا والمروة، فأنزل اللّٰه تعالى إنّ الصفا والمروة. . . 1.
ويبدو أنّ هذا الوهم كما يسمّونه لم يكن مختصّاً بعروة، فهناك غيره فقد روى الترمذي عن عاصم بن سليمان الأحول قال: «سألت أنس بن مالك عن الصفا والمروة، فقال: كانا من شعائر الجاهلية، فلمّا كان الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل اللّٰه عزّوجلّ إنّ الصفا والمروة من شعائر اللّٰه .
وقد استفاد بعض آخر عدم الوجوب، مستندين إلى قراءة بعض الصحابة وبعض التابعين لا جناح عليه أن (لا) يطوّف بهما .
وعن أبي عاصم كما أخرجه الطبري، قال: حدّثنا جُريج قال: قال عطاء: لو أنّ حاجّاً أفاض بعدما رمى جمرة العقبة، فطاف بالبيت ولم يسعَ، فأصاب امرأته، لم يكن عليه شيء لا في حجّ ولا في عمرة، من أجل قول اللّٰه - كما في مصحف ابن مسعود -: فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جُناح عليه أن (لا) يطوّف بهما .
قال: فعاودته بعد ذلك، فقلت: إنّه قد ترك سنّة النبيّ صلى الله عليه و آله، قال: ألا تسمعه يقول: فمن تطوّع خيراً فأبى أن يجعل عليه شيئاً. . ؟ فقد أخذ التطوّع بمعنى التبرّع.
ونحو هذا عن مجاهد أنّه قال: لم يُحرّج من لم يطف بهما. . أي لم يأتِ إثماً؛ لأنّه غير واجب. وأيضاً عن عطاء عن عبداللّٰه بن الزبير قال: هما تطوّع 2.