234فكل أولئك ليس بالممكن، وليس بالمعقول (76) ولا أدري هل جعل الولاية لعلي (77) بنص النبي صلى الله عليه و آله من قبيل إجتماع النقيضين، أو الضدين حتى يكون ذلك غير ممكن وغير معقول!
وإذا كان جعل الإمامة لعلي ليس فيه استحالة عقلية، فلماذا لا يمكن أن يجعله النبي صلى الله عليه و آله لعلي، وهو المعروف بسابقته وقربه وجهاده وإخلاصه وعلمه وشجاعته؟ فلماذا لا يمكن أن يجعله النبي صلى الله عليه و آله ولياً للمسلمين بعده، وهل القرب من النبي صلى الله عليه و آله يوجب حرمانه من مقام يستحقه دون سائر الأصحاب، أو القرب من النبي موجب للفضيلة كما استدل أبو بكر على الأنصار بأن الخلافة في قريش، لأنهم أقرب للنبي صلى الله عليه و آله من الأنصار؟
* * *
بعد الذي عرفت من وضوح أن لفظ المولى معناه (الأولى) أو على أقل تقادير أن النبي صلى الله عليه و آله استعمله في هذا المعنى للقرائن اللفظية والمقامية التي حفت بالحديث بعد ذلك. نذكر عدة تفسيرات أخرى لحديث الغدير تستهدف تجريده عن دلالته الثابتة له بموجب اللغة:
التفسير الأول: شكاية أهل اليمن على علي عليه السلام
إنّ المراد من لفظ (المولى) هو الناصر أو المحب، وذلك الحديث صدر عن النبي صلى الله عليه و آله بعد شكاية أهل اليمن علياً إلى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: «ويرشد بذلك أنه أشاد في خطابه بعلي خاصة فقال: من كنت وليه فعلي وليه وبأهل البيت عامة فقال صلى الله عليه و آله: إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّٰه وعترتي أهل بيتي فكان كالوصية لهم بحفظه في علي بخصوصه وفي أهل بيته عموماً وقالوا: ليس فيها - أي بالوصية وفي حديث الغدير - عهد بخلافة ولا دلالة على إمامة» (78) .
نقل الواقعة:
ومن المفيد أن ننقل أولاً الواقعة من سيرة ابن هشام ثم نعلّق عليها:
«قال ابن إسحاق: وحدّثني يحيى بن عبد اللّٰه بن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال: لما أقبل عليّ رضي اللّٰه عنه من اليمن ليلقى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بمكة تعجّل إلى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله واستخلف على جنده