191حِزام فتّاً في عَضُد هذه الفضيلة، لكن المنقّبين من الفريقين لم يأبهوا به، وبذلك تعرف قيمة ما هملج به القاضي روزبهان من أنّ ذلك مشهور بين الشيعة ولم يصحّحه علماء التاريخ، بل عند أهل التواريخ أنّ حكيم بن حِزام ولد في الكعبة ولم يولد فيه غيره. . . إلى آخره.
وستجد نصوص التاريخ بذلك، وعرفت ردّ الحاكم النيسابوريّ على مَن حصر ولادة البيت بحكيم، وذكر تواتر النقل بولادة أمير المؤمنين عليه السلام فيه.
ومرّ أيضاً رواية أساطين أهل السنّة، ولذلك ما يتلوه:
المسعودي وهو الحجّة عند الفريقين يقول في (مروج الذهب) عند ذكر خلافة أمير المؤمنين عليه السلام مثبتاً هذه الحقيقة، جازماً بها من غير ترديد، قال: «وكان مولده في الكعبة» 1.
وقد احتجَّ بكتابه هذا الموافق والمخالف وهو من المصادر الموثوقة وقد راعى فيه - والقول للمؤلّف - جانب التقيّة بما يسعه، بتأليفه على نسق كتب أهل السنّة وما يرتضونه من رواياتهم، حتّى حسبه بعض من لم يرَ من كتبه غيره أنّه منهم.
فهل من السائغ إذن أن يذكر في كتاب هذا شأنه غير الثابت المتسالم عليه عند الأمّة جمعاء، لا سيّما في مثل المقام الذي يكثر فيه بطبع الحال وَرَطات القالة؟
وذكر في كتابه الآخر (الوصية) :
«وروي أنّ فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت، فجاءها المخاض وهي في الطواف، فلمّا اشتدّ بها دخلت الكعبة، فولدته في جوف البيت. . . وما ولد في الكعبة قبله ولا بعده غيره» 2.
و (إثبات الوصيّة) من أنفس كتب الإمامية، وليس من الجائز أن يحتجّ ويتبجّح فيه بما لا يقرّ به الخصم، ولا تذعن به اُمّته، ثمّ يقول بكلّ صراحة: «وما ولد. . .» وبمشهد منه ومسمع ما تحذلقوا به من أمر حكيم بن حِزام، غير أنّ المؤرّخ لا يُقيم له وزناً.