46المظنونُ - وقوعُ الكعبة فيه - جهةً في حقّه 1: لأنّه غير قاطع بعدم خروج الكعبة عنه.
وهو كما ترىٰ.
والحقُّ: أنّ كونَه جهةً 2في حقّه ممّا لا ينبغي الامتراء فيه 3.
إيضاح:
قد ذكر علماؤنا - رضي اللّٰه عنهم -: أنّه إنّما يجوز التعويلُ في تحصيل جهة القِبلة على الظنّ، مع العجز عن العلم.
أمّا مَن كان قادراً علىٰ تحصيل العلم بالجهة، من غير مشقّة شديدة، عادةً، فلا يجوز له التعويل على الظنّ، وقد دلّت علىٰ ذلك صحيحةُ زرارة، عن الباقر عليه السلام، قال: « يجزي المتحيّر 4أبداً أينما توجّه إذا لم يعلم أين وجه القِبلة» 5.
فإنّها تعطي بمفهومها الشَرطي 6أنّ التحرّيَ - أعني: الاجتهادَ - إنّما يُجزي إذا لم يكن للمكلَّف طريقٌ إلى العِلم.
وبهذا يظهر أنّ تعريف ( المنتهىٰ) أقربُ إلى الصواب من تعريفَي ( التذكرة) و ( الذكرىٰ) ؛ لشموله ما فيه الكعبة قطعاً، وما هي فيه ظنّاً لا غير، واختصاصُهما 7بالظنّ، فيختلّ عكسهما بالجهة المقطوع كون الكعبة فيها.
تنبيه:
يظهر ممّا تلونا عليك سابقاً: أنّ التعريفات الثلاثة - أعني تعريف: المنتهىٰ، والتذكرة، والذكرىٰ - منتقضة الطرد بالسمت الذي يُقطع بخروج الكعبة عن بعض أجزائه، إذا قطع أو ظنّ اشتمال الأجزاء الأُخَرِ عليها.
كما أنّ الثانيَ والثالثَ منها مُنْتقضا العكسِ بالجهة المقطوع كون الكعبة فيها.
وأمّا تعريفا الشيخين في الشرحين 8: فقد لَوَّحْنا إليك قُبَيْل هذا بما يُشير إلى اختلالهما أيضاً طرداً وعكساً.