24
(المنافع) بنظر المفسِّرين المعاصرين
ركّز بعض المفسّرين المعاصرين على التعليل أو الغاية: ليشهدوا منافع لهم ، ورسموا الأبعاد المتنوّعة والمتعدّدة لهذه المنافع، التي أراد اللّٰه تعالى أن يشهدها موسم الحج في مكّة المكرّمة.
العلّامة الطباطبائي في تفسيره (الميزان) نبّه إلى إطلاق تعبير (منافع) ، وعدم تقييده بالدنيوية أو الأخروية، ممّا يعني شمولهما معاً، وقد عرّف المنافع الدنيويّة بأنّها تلك «التي تتقدّم بها حياة الإنسان الاجتماعية، ويصفو بها العيش، وترفع بها الحوائج المتنوعة، وتكمل بها النواقص المختلفة من أنواع التجارة والسياسة والولاية والتدبير وأقسام الرسوم والآداب والسنن والعادات، ومختلف التعاندات والتعاضدات الاجتماعية وغيرها» .
ثمّ أعطى العلّامة مصاديق هذه المنافع الدنيوية مشيراً إلى الأمور التالية:
أولاً: التعارف بين المسلمين القادمين من أصقاع الأرض المختلفة.
ثانياً: اتحاد المسلمين على كلمة واحدة هي كلمة الحق.
ثالثاً: التعاون فيما بينهم في سبيل حلّ مشاكلهم.
رابعاً: امتزاج المجتمعات الإسلامية لتكون «مجتمعاً وسيعاً له من القوّة والعدّة ما لا تقوم له الجبال الرواسي، ولا تقوى عليه أيّ قوّة جبّارة طاحنة، ولا وسيلة إلى حلّ مشكلات الحياة كالتعاضد، ولا سبيل إلى التعاضد كالتفاهم، ولا تفاهم كتفاهم الدِّين» .
ومن المفسِّرين المعاصرين الذين أعطوا لآية المنافع دلالاتها وأبعادها، هو صاحب (في ظلال القرآن) سيّد قطب، حيث يقول:
«والمنافع التي يشهدها الحجّ كثيرة، فالحجّ موسمٌ ومؤتمر. الحجّ موسم تجارة وموسم عبادة. والحجّ مؤتمر اجتماع وتعارف، ومؤتمر تنسيق وتعاون، وهو الفريضة التي تلتقي فيها الدنيا والآخرة، كما تلتقي فيها ذكريات العقيدة البعيدة والقريبة.