47وجسّدوا كلّ ما قالوا في سلوكهم الحيّ، ولم يكتفوا ببيان تاريخها العريق من لدن آدم عليه السلام إلى خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله وفضائلها وآثارها الدنيوية المادية وأجرها الأخروي، وإنّما عكفوا علىٰ بيان فلسفتها شعيرة شعيرة، وعملاً عملاً، ونَفَذوا إلى أعماقها؛ ليصوّروا عرفانها بالعمل قبل البيان، وبالجنان قبل اللسان.
لقد تميّزت مدرسة أهل البيت في نظرتها إلى الحجّ وشعائره بمميّزات أعطت الحجّ مضموناً خاصّاً، وشكلاً متميّزاً يُشار من خلاله إلى أتباعها بالبنان، وهو يثير لدى المسلمين عامة أسئلة شتّىٰ عن مدى البُعد المعنوي والسياسيّ المتميّز لحجّهم عمّن سواهم، اقتداءً بأئمّة أهل البيت المعصومين صلوات اللّٰه وسلامه عليهم أجمعين.
ويمكن تلخيص هذه المميّزات في عدّة نقاط:
الأولىٰ: شدّة الاهتمام المتمثِّل بالقول والعمل معاً.
الثانية: الاهتمام المتميّز بالشكل والمضمون معاً.
الثالثة: عدم إغفال البُعدين السياسي والجهادي إلى جانب البُعد العبادي.
الرابعة: تعميق البُعد العبادي والعرفاني بشكل ملفت للنظر.
الخامسة: عدم تجاوز نصوص ومقاصد الكتاب والسُنّة بالرغم من كثرة التقريع والتفصيل.
إنّ أهل بيت الرسول الأمين صلى الله عليه و آله وعترته المعصومين - الذين قرنهم الرسول صلى الله عليه و آله بمحكم التنزيل واعتبرهم عِدلاً للقرآن العظيم في حديث الثقلين الشهير وحديث السفينة وحديث النجوم وغيرها ممّا ورد في تفسير آيات الذكر الحكيم التي تشير إلى أنهم أهل الذكر وولاة الأمر والحافظون لحدود اللّٰه - هم الروّاد الصادقون الاُمناء على شريعة جدّهم ورسالته حيث عصمهم اللّٰه من الزلل وآمنهم من الفتن، والمطهّرون الذين يتسنّىٰ لهم تفسير الكتاب كما ينبغي، واقتفاء أثره