232الدينية والدنيوية. ويحسن إدارة مكة مستعيناً بأبنائه الاثني عشر وعلىٰ رأسهم نابت وقيدار، الذين يرتبط نسب العرب المستعربة بهم، والذين نزل القرآن بلغتهم. ولذلك كان الرسول صلى الله عليه و آله يقول: أنا ابن الذبيحين يعني إسماعيل وعبداللّٰه.
وورد عنه صلى الله عليه و آله كذلك. «إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيراً فإنّ لهم ذمة ورحماً» وكان يقصد هاجر أمّ إسماعيل المصرية ومارية أمّ ابراهيم زوجة النبي صلى الله عليه و آله القبطية المصرية.
ولما حسنت إدارة مكة علىٰ عهد إسماعيل وبنيه، كثرت الهجرة إلىٰ مكة وتمصرت، خاصة بعد خراب سد مأرب حيث انتشرت الأقوام المحيطة في السد، وقسم منها هاجر إلىٰ مكة. ويُستدل من بعض الأخبار أنّ مكة قد عمرت بالسكان في عهد إسماعيل حتىٰ كان لها نظام حكم وسلطة وإدارة، خصوصاً أن مكة كبرت واتسعت وتشابكت مصالح سكانها، وأصبحت لها مواسم تختلف مهماتها من طقوس دينية وعروض تجارية وغير ذلك 1. وبقيت هكذا تزدهر إلىٰ أن توفي إسماعيل، وجاء من بعده ابنه نابت، وكان الرئيس بعده والقائم بالأمور والحاكم المطلق في مكة والناظر في أمر البيت وزمزم. ثم جاء بعد نابت قيدار بن إسماعيل وسار بالطريقة التي سار بها أخوه نابت وأبوه إسماعيل عليهما السلام.
زعامة جرهم:
اختلف المؤرخون في إدارة مكة بعد نابت وقيدار، فمن قائل: إنّ إدارتها كانت لجرهم بعدهما، وآخر ينسب ذلك إلى العماليق، وثالث يقول: إنّها كانت مشتركة بين جرهم والعماليق، ثم حدث صراع بينهم أدىٰ إلىٰ نفي العماليق عن مكة، والى سيطرة جرهم عليها. وآخر يعيد ذلك الحدث من الصراع الى «طسم» أو أبناء قنطورا. إلّاأن أشهر الأخبار تشير إلىٰ أن الذين تولوا إدارة مكة بعد أبناء إسماعيل هم جرهم، وهم الذين تزوج إسماعيل منهم زوجته، إلّاأنهُ كذلك اختلف في كيفية استيلائهم على الادارة، هل كانت بالحرب والقوة أم بالسلم؟ واختلف كذلك هل