135قال: أوما معك أحد؟
فقلتُ: لا واللّٰه إلّااللّٰه وابني هذا.
قال: واللّٰه مالك من مترك.
فأخذ خطام البعير، فانطلقَ يهوي بي، فواللّٰه ماصحبتُ رجلاً من العرب قط أرى أنه كان أكرمَ منه، حتى أقدمني المدينة.
فلما نظر إلى قرية بني عامر بن عوف بقباء قال: زوجك في هذهِ القرية - وكان أبو سلمة بها نازلاً - فأدخليها على بركة اللّٰه. ثمّ انصرف راجعاً إلى مكّة، وهنا كانت تقول امُّ سلمة: واللّٰه ماأعلمُ أهل بيت في الإسلام أصابهم ماأصاب آل أبي سلمة، ومارأيتُ صاحباً قطّ أكرم من عثمان بن طلحة، وهناك رواية أخرى تحمل كلاماً آخر لها تقول فيه:
«فواللّٰه ما صحبت رجلاً من العرب قط أكرم منه، ولا أشرف منه، كان إذا بلغ منزلاً من المنازل ينيخ بعيري، ثم يستأخر عني، حتى إذا نزلت عن ظهره واستويت على الأرض، دنا اليه وحطّ عنه رحله، واقتاده إلىٰ شجرة وقيده فيها. . . ثم يتنحى عني إلىٰ شجرة أخرى فيستريح جوارها، فإذا حان الرواح، قام إلىٰ بعيري، فإذا ركبت، أخذ خطامه وقاده. (وقد أسلمَ في الحديبية وهاجر إلى المدينة، ثم شهد فتح مكّة، وتسلمّ مفتاح الكعبة من رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله) . هذا عن هجرتها إلى المدينة.
أمّا عن هجرتها الاُولى إلى الحبشة وكانت برفقة زوجها أبي سلمة، فقد تفرّدت روايتها عن تلك الهجرة بدقة وصفها لها وللدور العظيم الذي أدّاه جعفر بن أبي طالب رضوان اللّٰه عليه. تقول رواية اُمّ سلمة التي اتسمت بقوة بيانها وفصاحتها ودقة تصويرها لأحداثها حتى عدّت روايتها للهجرة من أوثق مصادر الهجرة.
تقول روايتها:
لما ضاقت على النبي صلى الله عليه و آله مكّة، وأوذي أصحابه، وفتنوا، ورأوا ما يصيبهم