110تراخىٰ وتباطأ في أدائه لفريضة الحج، لا عدم صحة الحج منه في الزمن المتراخي أي في السنوات التالية لعام استطاعته.
وإذا اطلعنا علىٰ أدلة القائلين بالفور - علىٰ تقدير تماميتها - فهي لا تدل علىٰ أكثر من العصيان بالتأخير، لا علىٰ عدم الصحة.
إذن يجب على المكلف - الذي ترك أداء فريضة الحج في عام استطاعته أو أخّرها - أن يبادر لأدائها في العام الثاني وهكذا. فالفورية أو المبادرة والتعجيل تبقىٰ تلاحق المكلف في كلّ سنة ما دام لم يؤدِ الفريضة، التي استقرت عليه بسبب استطاعته.
وقد قامت علىٰ ذلك أدلتهم، التي لا يخلو بعضها من مناقشة وردٍّ بينهم:
القرآن الكريم:
( . . وللّٰه على الناس حجُّ البيت من استطاع إليه سبيلاً ومَن كفر فإنَّ اللّٰهَ غني عن العالمين) 1.
فاللام في قوله تعالىٰ ( وللّٰه) هي لام الإيجاب والإلزام، ومع كونها كذلك، فقد أكد كلّ من الايجاب والإلزام ب ( علىٰ) التي هي من أوكد ألفاظ الوجوب عند العرب، فإذا قال العربي: لفلان عليَّ كذا، فقد وكده وأوجبه.
إذن ذكر اللّٰه تعالى الحج ووجوبه بأبلغ ألفاظ الوجوب. . 2.
والوجوب المذكور على الفور ولا يجوز معه التأخير. . والذي يدل علىٰ أنه على الفور عموم قوله تعالىٰ:
( وسارعوا إلىٰ مغفرة من ربّكم) أي ما هو سبب المغفرة، والحجّ كذلك 3.
ونظراً لأن الوجوب في هذه الآية مشروط بالاستطاعة أو متعلق على الاستطاعة فهو ليس أمراً مطلقاً حتىٰ يدخل في النزاع الدائر - كما ذكرنا - حول كونه يدل على الفور بذاته أو لا، أو أنه يدل فقط على الماهية. . فهو إذن خارج عن محل النزاع وبالتالي يمكن اتصافه بالفورية لأنّه مقيّد.
* (وأتموا الحجَّ والعمرةَ) 4