33الاقتناع بأنّ الآخرين قد فعلوا كذا فعلينا أن نفعله أيضاً، خصوصاً بعد أن صارت المسألة أعقد بانتقال جميع المذابح من منى إلىٰ خارجها (عير مثلث صغير يكفي لجماعة قليلة من الحجّاج فقط) مع أنّ من شروط صحّة الأضحية عند فقهاء الشيعة كونها في منى، وعدم كفاية ما يقع في خارجها، ولذلك تفحّصت جميع روايات أبواب الذبح بدقّة وتدبّر، وتعمّقت في كلمات القوم وفتاوى الفقهاء الكرام واستدلالالتهم، وناقشت بعضهم، وسعيت لأن أفرغ ذهني من الجوّ الموجود حتّى أفتي في المسألة مع فراغ البال، وعدم انجذاب الفكر إلىٰ أيّ شيء غير الأدلّة المعتبرة - كما حصل في قصّة العلّامة الحلّي رحمه الله في حكمه بردم بئر داره، ثمّ الفحص عن أدلّة اعتصام ماء البئر، وفي النهاية أفتى بالاعتصام خلافاً لجميع ما كانوا قبله - فانتبهت إلىٰ أنّ مثل هذه الأضاحي ليست مجزية لوظيفة الحج، وعلى الحجّاج الاجتناب عنها، والاحتياط بالإتيان بها في أيام ذي الحجّة في أوطانهم أو مكان آخر.
ولهذا عزمت علىٰ بيان ما ثبت لي من الدليل علىٰ هذه الفتوىٰ - مع أداء التكريم والاحترام لجميع المراجع والفقهاء العظام - حتّىٰ ينفتح بذلك للسائرين باب بحثٍ أكثر وفحصٍ أبلغ حول هذه المسألة المهمّة.
محاور البحث
وقبل كلّ شيء لابدّ من أن نعلم أنّ لمسألة الأضحية في زماننا هذا ثلاث حالات:
1 - إذا أمكن إيقاع الذبح في منى ( أو في المذابح الموجودة اليوم في صورة عدم إمكانها في منى) وصرف لحوم الأضاحي في مصارفها، بحيث لا يلزم الإتلاف والدفن والإحراق، فلا إشكال في تقدّمه على أيّ شيء آخر.
2 - إذا لم يوجد المستحقّون في منى، ولكن يمكن نقل اللحوم الىٰ خارج منى، أو الىٰ خارج المملكة السعودية بتجفيف اللحم، أو استخدام