32النّاس خاصةً المساكين.
وتبادر الحكومة السعودية - ومن أجل أن تمنع انتشار الأوبئة بين الحجيج بسبب تعفّن الأضاحي بعد نحرها - إلىٰ دفنها رغم ما يعترض هذا العمل من صعوبات. وبعد أن اطلعت علىٰ هذا الوضع سعيت - بدوري - للحصول علىٰ شاة صحيحة تتوفّر فيها المواصفات المطلوبة، فتمّ لي ذلك، وقدّمتها لبعض المساكين هناك، ولعلّهم اكتفوا ببعض منها وتركوا الباقي.
كما لاحظت وجود عدد من الفقراء المعوزين، الذين كانوا ينقلون أجزاءً من الأضاحي خارج المسلخ، ولا تتجاوز نسبة ما يقتطعونه من الأضاحي في أحسن الأحوال عشرة بالمئة، ويتلف الباقي بالدفن أو الحرق.
وكما قلنا فإنّ عملية الإتلاف لا تتمّ بسهولة؛ ولهذا قد تُنجز بشكل ناقص ممّا يؤثّر علىٰ أجواء منطقة منى الّتي تعاني من جرّاء ذلك من التلوّث يومي الحادي عشر والثاني عشر من ذيالحجّة، ولا سيّما المناطق القريبة من المسلخ.
ولعلّ الكثير من الأشخاص، الذين يدخلون المسلخ، ويشاهدون الوضع فيه، يتساءلون عن رأي الشارع المقدّس في هذه الظاهرة، وموقف الفقهاء ومراجع الدّين منها، وهل هي من المسائل المستحدثة، أم أنّها كانت منذ عصر المعصومين وفقهاء السلف؟
في تلك الفترة كنت من طلاب العلوم الدينية، وحديث عهد ببحوث الفقه الاستدلالي، وكنت مقلّداً في عدد من المسائل، ومنها مسائل الحج، فكانت وظيفتي الذبح، ثم طرح الأضحية في محلّها، أو أن أقوم بعملية صورية عن طريق أخذ النيابة من جانب الفقير، ثمّ القبول من ناحيته، وتركها في نفس المحلّ.
ولكن بعد أن حصلت علىٰ قدرة أكثر في استنباط المسائل، استغرقت في التفكير، وعزمت علىٰ ملاحظة أدلّة المسألة بالدقّة والتأمّل اللائقين، وعدم