198
جزاء الكافرين ، نهى المؤمنين عن قتال المشركين لعلمه بأنّ نفوس المؤمنين قد حدّثتهم بقتال المشركين في مكان أمر اللّٰه تعالىٰ بحفظ أمنه ورعاية أحكامه.
فنهاهم عن ذلك، عن قتالهم المشركين حتّىٰ يبدأ المشركون بقتالهم فشرع لها حكماً آخر: فإن قاتلوكم فاقتلوهم. . وهذا أيضاً يدل علىٰ أنّ أمن البيت بعيد عن التكوين، قريب من التشريع، فإذا دخل البيت قوم، يصرّون على المعصية، وعلىٰ سفك الدماء داخل بيت اللّٰه، وعلى الإساءة له وعدم تقدير لحرمته - كالذي يرتكب جريمة داخله فإنه لم ير للحرم حرمة - وعلىٰ ترويع الآمنين. . فإن بدأوا بأفعالهم القذرة هذه، فليس عليكم إلّاقتالهم وإلّا إقامة القصاص عليهم. فلو كان الأمن تكوينياً لما نهانا اللّٰه تعالىٰ عن القتال، ولما توعد مَن يعزم على الشر بعذاب مؤلم شديد . . ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم وكيف ينهانا عن أمر يخالف التكوين والثبات، أَو يصح أن ينهانا عن تغيير مسيرة الشمس أوالقمر بقوله: لا تغيّروا مسيرة الشمس ولا القمر وهي أمور خارجة عن قدرتنا واختيارنا؟ ولو كان أمن الحرم يتعدّىٰ كونه تشريعاً إلىٰ أنّه أمر تكويني وأمن تكويني لما وقع مثل هذا القتال، ولمّا استطاع المجرمون من انتهاك حرمته وتقويض أمنه وكما في الرواية. . . وإذا جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم لأنه لم يرع للحرم حرمة.
في رواية أخرىٰ حول من يسرق ويلتجأ إلى الحرم: . . . وإن أحدث في الحرم ذلك الحدث أُخذ فيه 1. فحفظ أمن الحرم ورعايته أمر شرعه اللّٰه تعالىٰ وأوكله إلينا، وخصص لمن يحفظه ويرعاه أجراً عظيماً يتناسب وعظمة البيت وأمنه، وأعدّ لمن خالف ذلك وانتهك حرمته وأمنه عذاباً عظيماً كما قلنا سابقاً؛ لأنّه إثم عظيم وكفرٌ بالنعمة. فالثواب والعقاب يتناسبان مع عظمة البيت وقداسته وطهارته، وأنّ بمراعاة أحكام الشريعة المختصة بأمن البيت من قبل النّاس يتحقّق الأمن والأمان وهم يعيشون علىٰ ترابه، ويتفيئون ظلاله.