159جواراً لا من حيث العبادات الأخرىٰ من طواف ونحوه، وبذلك يظهر لك عدم التنافي بين النصوص» 1، وعلىٰ ذلك سار الفاضل الهندي في كشف اللثام 2والاتجاه الآخر يرفض الجمع ويتمسّك بالكراهة المطلقة. كما في رياض المسائل حيث كتب يقول ردّاً علىٰ كشف اللثام: «ومقتضى الأصول وان كان لزوم تقييد إطلاق ما سبقها بها، إلّاأنّ التعليلات فيها كادت تلحقها بالنصّ على الكراهة مطلقاً، سيما التعليل بإيراثها قساوة القلب، وأنه أمر غير اختياري، فيكون التعارض بينهما من قبيل تعارض النصّين، ولا ريب بأنّ الأخذ بما هو المشهور أولىٰ. . . . فالكراهة لا معارض لها من قبيله فصاعداً ليتوقف في الفتوىٰ بها مسامحة» 3.
والشيء الذي يهمّنا في هذه الدراسة بيان هذه الخصوصية لمكّة المعظمة سواء كانت الكراهة مطلقة أم مقيّدة.
2 - حكم البناء أعلىٰ من الكعبة
اشتهر بين الفقهاء كراهة البناء أعلىٰ من الكعبة الشريفة بالنسبة الىٰ أهل مكّة. و هو الظاهر من عبارة الشيخ في المبسوط 4و النهاية 5و صرح به العلامة في قواعد الأحكام 6وإرشاد الأذهان 7، وكذلك الشهيد الأول في الدروس 8، والمحقّق فيالشرائع 9والمختصر 10ومالإليه الشيخ النجفي فيالجواهر 11. وهناك قول آخر في المسألة وهو الحرمة، وقد نُسب هذا القول في المدارك إلى الشيخ وجماعة 12. وقد مرّ أن الظاهر من رأي الشيخ في النهاية والمبسوط الكراهة لاستعماله عبارة «لا ينبغي. . .» الظاهرة في الكراهة. والظاهر من عبارة القاضي ابن البراج الحرمة 13ونص العلّامة في تلخيص المرام بقوله: «يحرم الارتفاع على الكعبة بالبناء. .» 14ومدرك المسألة عند الجميع صحيحة محمّد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: «لا ينبغي لأحد أن يرفع بناء فوق الكعبة» 15وهي