102سعيه إلى المروة، بأدعية طويلة رائعة تعبق بذكرى الروح الملكوتية لآخر سفير من سفراء الوحي الإلهيّ.
الصفا، هو ذكرىٰ أوّل نداءٍ أعلن عن نبوّة خاتم الأنبياء محمّد (صلّى اللّٰه عليه وآله وصحبه المنتجبين) .
والسعي من هذا الجبل إلىٰ ذاك الجبل - إضافةً الىٰ كونه تجديداً لقصّة هاجر أمّ إسماعيل في بحثها المتواصل المنهك عن الماء لولدها الرضيع - يصوّر حالة الخوف والرجاء التي تعتري الزائر في الحجّ.
وليس هناك في العالم فاصلة بين جبلين كهذه الفاصلة القصيرة بين الصفا والمروة، تثير في النفس كلّ هذه الخواطر الروحانية والملكوتية.
فما الذي تريده من السعي بين الصفا والمروة؟ أتريد الذهابَ من جبل إلىٰ جبل بحثاً عن الحبيب، أو طلبَ القرب علىٰ حال من نفاذ الصبر والاضطراب، أو تجسيد حالة الحيرة بعد الظفر بالقرب في الطواف؟
الحاجّ - في هذا المنسك - يظهر سعيه المتواصل والمكرّر للاستمرار في طريق الوصال، ويبدي اضطرابه. وفي الهرولة - بشكل خاص - مدّ وجزر روحيّ، ويتّضح انعكاس هذا المدّ والجزر علىٰ كلّ أعضاء بدن الساعي؛ بما يعتريه من قلق ونفاد الصبر. كما أنّ الهرولة - من جهة أُخرىٰ - تلقي عن كاهل الإنسان أثقال الكبر والأنانيّة وحبّ الذات. وقد جاء في الرواية:
«ما للّٰه- تعالىٰ - من منسك أحبّ إلى اللّٰه - تبارك وتعالىٰ - من موضع المسعىٰ؛ وذلك أنّهُ يذلّ فيه كلّ جبّار عنيد 1.