80ثواب اللّٰه له عظيماً أن جعل ثمار بذوره بل وكل ما استعان به من صخور صمّاء في مشروعه السماوي الحافل آيات لا تحدّ بحدٍّ ولا تنتهي بأمد معيّن، مَنّ اللّٰه عليه بأن ينضج كلّ ما بذره وكلّ ما استعان به سريعاً ليدوم طويلاً وليخلد عبر أجيال متقادمة فكان - حقّاً - عطاءً خالداً ما دام ليل وما بقي نهار، تنتفع منه الأجيال المؤمنة، وتقتطف ثماره ويكون مأوى الأفئدة وتصلّي وتبارك وتترحم علىٰ إبراهيم وآل إبراهيم.
لقد كانت أنشطته وأعماله بذور خير نمت وترعرعت (بوادٍ غير ذي زرع) فكان ذلك البيت العامر الخالد عبر القرون يطوف حوله الصالحون، ويصلّي عنده الراكعون الساجدون. وكانت تلك الصخرة التي استعان بها؛ ليرفع أحجاراً يشيّد بها بناء بيت اللّٰه تعالى الذي شاءت إرادته أن يعبد فيه، صخرة وقف عليها ليرفع قواعد البيت، واتّخذها مكاناً لأذانه بالحجّ ثمّ لتكون بعد ذلك آية، يتّخذها الطائفون العابدون مصلّى لهم، فتذكرهم بعظمة صاحبها وتضحيته وصبره، وكيف كان رمزاً خالداً لكلّ قِيَم ومبادئ السماء، ويتأمّلون عظمة هذا الرجل وما ناله من أوسمة مباركة؛ منها: (
واتّخذ اللّٰه إبراهيم خليلاً) 1و (
إنّ إبراهيم كان
أُمّةً) 2. . . تقول الرواية التي يرويها ابن عباس:
جاء إبراهيم فوجد إسماعيل يُصلح نبلاً له من وراء زمزم، فقال له: يا إسماعيل! إنّ ربّك قد أمرني أن أبني له بيتاً.
فقال إسماعيل، فأطع ربّك فيما أمر.
فقال إبراهيم: قد أمرك أن تُعينني عليه.
قال: إذن أفعل.
فقام معه - فجعل إبراهيم يبنيه، وإسماعيل يناوله الحجارة. ويقولان (
ربّنا تقبّل منّا إنّك أنت السميع العليم) 3، فلمّا ارتفع البنيان، وضعف عن رفع الحجارة قام علىٰ حجر، وهو مقام إبراهيم فجعل يبني وإسماعيل يناوله، فلمّا فرغ، أمره اللّٰه أن يؤذِّن في النّاس بالحجّ. .) .
وفي رواية ثانية أيضاً تُنسب لابن عباس نذكر منها ما يخصّ المقام:
«. . . ويحمل له إسماعيل الحجارة علىٰ رقبته ويبني الشيخ إبراهيم، فلمّا ارتفع البناء (البنيان) وشقّ على الشيخ إبراهيم تناوله، قرّب له إسماعيل هذا الحجر - يعني المقام - فكان يقوم عليه، ويبني، ويحوّله في نواحي البيت، حتّىٰ انتهىٰ إلىٰ وجه البيت. يقول ابن عباس: فلذلك سُمّي مقام إبراهيم لقيامه عليه» 4.
مكانه:
بما أنّ إبراهيم وإسماعيل استفادا من صخرة في بناء البيت، حتّىٰ انتهيا، حيث