79
مقام إبراهيم
محسن الأسدي
هناك عبر جهادٍ مرير، ومعاناة شاقّة، راح شيخ الأنبياء إبراهيم الخليل يُلقي بذور رسالة السماء إلىٰ أهل الأرض، فكانت - حقّاً - بذوراً مباركة مورقة ذات بهجة، تؤتي أُكلها كلّ حين بإذن ربِّها، في عصره وفيما تلته من عصور، فغدت كلّها عصوراً نابضةً بآيات الإيمان، زاخرة بمعالم الخير والعطاء، شاخصة بالعزّ والشموخ. وراح ذلك الوادي - الذي كان مكاناً مقفراً في جوف تلك الصحراء النائية - راح يضجّ بحياة تدبّ في كلّ مظاهر دنياه وتُضفىٰ عليها السلامة والطمأنينة والأمان.
وليس هذا غريباً علىٰ خليل الرحمٰن الذي أعدّته السماء خير إعدادٍ، وهيّأته علىٰ أكمل وجه؛ ليؤدّي رسالته خير أداء، ويبلّغ ما حمّل علىٰ أحسن وأكمل شكل. وما انكفت تلاحقه السماء فتبتليه أحياناً، فتجده عبداً صابراً، وتثبّته أُخرىٰ وهو يجتاز أشواك وعقبات طريق دعوة الحقّ الملقاة علىٰ عاتقه، فكان