246عادت السيادة الأموية من جديد بعد اضطرار الإمام الحسن عليه السلام الىٰ تسليم السلطة الىٰ معاوية، وبها فَقَدَ الأنصار مواقعهم في المسيرة التاريخية للمسلمين، وأيقنوا أنّ السيادة الأموية جادّة في استئصالهم، فمعاوية قبل وصوله للحكم وبعد استقلاله بالشام وفي عهد علي عليه السلام كان يرسل الغارات على المدينة ويوصي من يكلّفه بالغارة الىٰ إخافة أهل المدينة ونهب أموالهم، وفي الوقت نفسه يوصيه بعدم التعرض لأهالي مكة، وفعلاً غزا بسر بن أرطأة المدينة ونهب الأموال ثمّ صعد المنبر وقام خطيباً (ياأهل المدينة. . شاهت الوجوه) ، واستمر بشتمهم الىٰ أن نزل من المنبر 1.
واستمر معاوية علىٰ نهجه في التنديد بالأنصار واهانتهم بعد وصوله الى الحكم وكان يسميهم بأبناء (قيلة) وهو اسمهم في الجاهلية وينزعج منكلمة الأنصار 2.
واستعان معاوية بالأخطل النصراني لهجاء الأنصار فهجاهم بقوله:
(ذهبت قريش بالسماحة والندىٰ
واللؤم تحت عمائم الأنصار) 3
وشعر الأنصار أن الدين الذي شيّدوه بجهادهم ودمائهم أصبح أداة بيد من وقف أمام زحفه في بدر وأحد، وان الجاهلية عادت من جديد بلباس اسلامي فمعاوية قد حوّل الخلافة الىٰ ملك وكان يقول: (رضينا بها ملكاً) 4.
وصرّح بعدم الوفاء بشروط الصلح مع الإمام الحسن عليه السلام: (ألا انّ كلَّ شيء أعطيته للحسن بن علي تحت قدميّ هاتين لا أفي به. . . اني واللّٰه ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا، ولا لتحجوا: ولا لتزكوا، إنكم لتفعلون ذلك، وانما قاتلتكم لأتأمر عليكم) 5.
وازداد حنق أهل المدينة على الحكم الأموي وعلىٰ رأسه معاوية حينما تنصّل معاوية عن الشروط التي وافق عليها قبل الصلح، ولم يفِ بها في الواقع بعد