71بفكره إلىٰ مشاهَدَة حضرةِ ربِّ البيت في جِوار الملائكة المقرَّبينَ، ولْيَتَشَوّقْ أنْ يَرْزُقَه النظرَ إلىٰ وجهه الكريم، كما رَزَقه الوصولَ إلىٰ بيته العظيم.
ولْيُكْثِرْ مِن الذكر والشكرِ علىٰ تبليغ اللّٰهِ إيّاه هذه المرتبةَ. وبالجملة فلا يَغْفُلْ عن تَذُّكر أحوالِ الآخرة.
وأمّا الطوافُ بالبيت: فَلْيَسْتَحْضِرْ في قلبه التعظيمَ والخوْفَ والخَشْيَةَ والمحبّةَ، ولْيَعْلَمْ أنّه بذلك مُتَشَبِّهٌ بالملائكة المقرَّبينَ، الحافِّينَ حولَ العرش، الطائفينَ حولَه. ولا تَظُنَّنَّ أنّ المقصودَ طوافُ جسمِك بالبَيت بل طوافُ قلبك بذكرِ ربِّ البَيْت، حتّىٰ لا تَبْتَدئ بالذكر إلّامنه، ولا تَخْتِمَ إلّابه. كما تبتدئُ بالبيت، وتَخْتِمُ به. ومن هنا قال أهلُ الحقيقة: «طوافُ أهل العبارة بالقالب، وطواف أهل الإشارة بالقلب» ؛ فإنّ الطوافَ المطلوب هو طوافُ القلب بحضرة الربوبيَّة، وأنّ البيتَ مِثالٌ ظاهرٌ في عالم الشهادة لتلك الحضرة التي هي عالَمُ الغيب، كما أنّ الإنسان الظاهرَ مثالٌ ظاهرٌ في عالم الشهادة للإنسان الباطن لا يُشاهَد بالبصر، وهو في عالَم الغيب، وإنّ عالَمَ المُلكِ والشهادة مرْقاةٌ ومْدَرجٌ إلىٰ عالم الغيب والملكوت لمَنْ فُتِحَ له بابُ الرحمة، وأخَذَتِ العنايةُ الإلهٰيةُ بيده لسلوك الصراط المستقيم.
وأمّا اسْتِلام الحَجَر: فْليَسْتَحْضِرْ عندَه أنّه مُبايعٌ للّٰهعلىٰ طاعته، مُصَمِّمٌ عزيمتَه على الوفاء ببيعته، « فَمَنْ نَكَثَ فَإنّما يَنْكُثُ عَلىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أوفىٰ بما عاهَدَ عَلَيْهُ اللّٰهَ فَسَيُؤْتيه أجراً عظيماً» 1. ولذلك قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم: «الحَجَرُ الأسودُ يَمين اللّٰهِ في الأرض، يُصافِحُ بها خَلْقَه كما يُصافِحُ الرجلَ أخاه» ولمّا قَبَّلَه عُمَرُ: «إنِّي لأعلَمُ أنّك