70لا مَخْلَصَ مِن عقابه إلّابها، فيَجْتَهِد في تحصيلها بقدر إمكانه.
وأمّا الإحرام والتلبيةُ: فليَسْتَحْضِر أنّه إجابةُ نِداء اللّٰه سبحانه وتعالىٰ 1. وليَكُنْ في قبول إجابته بينَ خوفٍ ورجاء، مُفَوِّضاً أمرَه إلى اللّٰه، مُتَوكِّلاً علىٰ فضله.
قال سفيانُ بنُ عُيَينَةَ: حَجَّ زينُ العابدين عليُ بنُ الحسينِ عليهما السلام، فلمّا أحْرَمَ واسْتَوَتْ به راحلتُه اصْفَرَّ لونُه، ووقَعَتْ عليه الرَعْدَةُ ولم يَسْتَطِعْ أنْ يُلَبِّي، فقيل له: لِمَ لا تُلَبِّي؟ فقال: «أخشىٰ أنْ يَقولَ لي:
لا لَبَّيْكَ ولا سَعْدَيْك» فلمّا لَبَّىٰ غُشِيَ عليه وسَقَطَ عن راحتله، فلم يَزَلْ يَعْتَريه ذلك حتىٰ قُضي عليه 2.
ولْيَذْكُرْ عند إجابته نداءَ اللّٰه سبحانه إجابةَ ندائهِ بالنفخ في الصور، وحَشْر الخلقِ من القبور، وازدحامهم في عَرَصاتِ القيامةِ مُجيبينَ لندائه، مْنْقَسِمينَ إلىٰ مقرَّبين ومَمْقُوتين، [ مقبولين و ] 3ومتردِّدين بينَ الخوفِ والرَجاء.
وأمّا دخولُ مكّةَ: فَلْيَستَحْضِرْ عندَه أنّه قد انتهىٰ إلى حرم اللّٰه الأمينِ، ولْيَرْجُ عندَه أنْ يَأمنَ بدخوله مِن عقاب اللّٰه، وَلْيَخْشَ أنْ لا يكونَ مِن أهل القُرب، ولْيَكُنْ رجاؤه أغلبَ؛ فإنّ الكرمَ عميمٌ وشرفَ البيت عظيمٌ، وحقَّ الزائر مَرْعيٌّ، وذِمامَ المستجيرِ محفوظٌ خصوصاً عند أكرم الأكرمين. ولْيَسْتَحْضِر أنّ هذا الحرم مِثال للحرمِ الحقيقي، لِيتَرقِّيَ - مِن الشوق إلىٰ دخوِل هذا الحرم والأمنِ بدخوله من العقاب - إلى الشوقِ إلىٰ دخولِ ذلك الحرمِ والمقامِ الأمين.
وإذا وَقَعَ بصرُه على البيت فلْيَسْتحضِرْ عظمتَه في قلبه، ولْيَتَرقَّ