69أعمالَه - التي هي زاد الآخرة - بشوائب الرياء وكدورات التقصير، فيَدْخُلَ في قوله تعالىٰ: « قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بالأخْسَرينَ أعمالاً الذينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الحيوٰة الدُنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أنّهُمْ يُحِسنون، صُنعاً» 1. ويلاحظُ عندَ سفره نَقْلَتَه إلىٰ منازِلِ الآخرة التي لا شكَّ فيها، ولعلَّه أقربُ من سفره هذا، فَيْحتاط في أمره، وليَعْلَمْ أنّ هذه أمثلةٌ محسوسةٌ يَتَرقّىٰ منها إلىٰ مراكِب النَجاة مِنْ عذاب اللّٰه تعالىٰ.
وأمّا الخروجُ من البلد: فلْيَسْتَحْضِرْ عندَه أنّه يُفارِقُ الأهلَ والولدَ متوجِّهاً إلى اللّٰه سبحانه في سفرٍ غيرِ أسفار الدنيا، وأنّه متوجِّه إلىٰ مَلِك الملوك وجبّارِ الجبابرةِ في جملة الزائرين الذين نُودوا فأجابوا، وشُوِّقوا فاشتاقوا، وقَطَعوا العلائقَ، وفارَقوا الخلائقَ، وأقبلوا علىٰ بيت اللّٰه تعالىٰ طلباً لرضا اللّٰه تعالىٰ وطمعاً في النظر إلىٰ وجهه الكريم. ولْيَحْضُرْ أيضاً قلبَه لِلوصولِ إلى المَلِك والقبول له بِسعَةِ فضله، ولْيَعْتَقِدْ أنّه إن مات قبلَ الوصول إليه لَقِي اللّٰه تعالىٰ وافِداً عليه لقوله تعالىٰ: « وَمنْ يَخْرُجْ مِن بَيْتِه مهاجِراً إلى اللّٰه ورسوله ثُمَّ يُدْرِكُهُ الموتُ فَقَدْ وَقَعَ أجْرُهُ عَلى اللّٰه» 2. ثمّ لْيَتَذَكَّرْ في أثناء طريقه مِنْ مشاهَدِةِ عَقَبات الطريقِ عقبات طريق الآخرة الآخرة، ومِن السِباع والحيَّاتِ حَشَراتِ القبر، ومِنْ وحشةِ البَراري ووحشةِ القبر وانفرادَه عن الاُنس؛ فإنّ كُلَّ هذه الاُمور جاذبةٌ إلى اللّٰه سبحانه، ومُذكِّرةٌ له أمرَ مَعاده.
وأمّا ثَوْبُ الإحرامِ: ولُبْسُه فلْيَتَذَكَّرْ معه الكفنَ ودَرْجَه فيه، ولعلَّه أقربُ إليه، ولْيَتَذَكَّرْ معها 3التَسَرْبُلَ بأنوارِ اللّٰه تعالى التي