68سُنَنِ الانقياد ومتقضى الاستعباد، كان مالا يُهْتَدىٰ إلى معانيه أبلغَ أنواع التعبّدات في تزكية النفوس، وصرِفها عنَ ميل الطبع إلى مقتضى الاسترقاق.
وأمّا العَزْمُ: فَلْيَسْتَحْضِرْ في ذهنه أنّه بِعَزْمِه مُفارقٌ للأهل والولد، هاجِرٌ للشهواتِ واللَذّات، مُهاجِرٌ إلىٰ ربِّه، متوجِّهٌ إلىٰ زيارة بيته، ولْيُعْظِمْ قدرَ البيتِ لِقدرِ ربِّ البيت، ولْيُخْلِصْ عَزْمَه للّٰهتعالىٰ، ولْيَتَحَقَّقْ أنّه لا يُقْبَل مِن عملِه إلّاالخالصَ.
وأمّا قطعُ العلائقِ: فحذفُ جميعِ الخواطرِ عن قلبه غيرِ قصد عبادة اللّٰه، والتوبةُ الخالصةُ عن المعاصي، فكلُّ علاقةٍ مِن المعاصي خصمٌ حاضرٌ متعلِّقٌ به يُنادي عليه ويَقولُ: أتَقْصِدُ بيتَ مَلِكِ الملوك، وهو مطَّلِعٌ منك علىٰ تضييع أوامرِه، واسْتِهانتِك به وعدمِ التفاتك إلى نَواهيه وزَواجِره، أما تَسْتَحِي أنْ تَقْدُمَ عليه قدومَ العبد العاصي، فيُغْلِقَ دونك أبوابَ رحمته، ويُلْقِيك في مَهاوي نَقمَتهِ، فإنْ كنت راغباً في قبول زيارتك فَابْرُزْ إليه مِن جميع مَعاصيك، واقْطَعْ علاقةَ قلبك عن الالتفات إلى ما وراءك، لِتَتَوجَّه إليه بوجه قلبِك كما أنت متوجِّهٌ إلى بيته بوجهِ ظاهرك. وليَذْكُرْ عندَ قطعه العلائِقَ لسفر الحجِّ قطعَ العلائِقِ لِسفر الآخرةِ؛ فإنّ كلَّ هذه أمثلةٌ قريبةٌ يَتَرقّىٰ منها إلىٰ أسرارها.
وأمّا الزادُ: فليَطْلُبْه مِن موضعٍ حلال، فإذا أحسَّ منْ نفسه الحِرْص على استكثارِه وطِيبهِ وطَلَبِ ما يَبْقىٰ منه علىٰ طولِ السفر، وأنْ لا يَنْفَدَ قبل بلوغِ المَقْصد فليذْكُرْ أنّ سفرَ الآخرة أطولُ مِن هذا السفر، وأنّ زاده التقوى، وما عداه لا يصلُحُ زاداً. ولْيَحْذَرْ أنْ يُفْسِدَ