38المَقام، والحَثٌّ عليه في الكتاب والسُنَّة أوْضَحُ دليلٍ لمَنْ فَكَّرَ في ذلك مِن العالَمين، وناهيك بقوله تعالىٰ: « وَللّٰهِ عَلى الناسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبيلاً وَمَنْ كَفَرَ فإنّ اللّٰهَ غَنيٌّ عَنِ العالَمينَ» 1. وفي الآية ضُروبٌ من التأكيد عليه جَليةُ المباني تُعْلَمُ مِن صِناعة المَعاني. ونحوها من السُنَّةِ المُطَهَّرةِ قوله صلى الله عليه و آله و سلم:
مَنْ وَجَبَ عليه الحَجُّ ولم يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إنْ شاء يهودياً وإنْ شاء نصرانياً 2.
ويَكْفِيكَ في فضله مِن جِهة الاعتبار أنّه جَمَعَ ضُروباً مِن العبادات كالصلاة، وبَذْلِ المال المضاهِئ لِلزَكَواتِ والأخْماسِ والكفّاراتِ، والصَوْمِ - علىٰ بعض الوجوه - والتعرُّضِ للجهاد كذلك، مع اشتماله على أنواعِ المَشاقِّ والأهوالِ، والتَغْريرِ بالنفس والمال، ومفارَقَةِ الأهل والولد والوطن والبلد، إلىٰ غير ذلك مِن المزايا، ومِن هنا وَرَدَ فيه مِن الثواب الجَزيلِ ما قد تَضافَرَتْ به الأخبارُ عن النبيِّ وآله الأطهارِ صَلَواتُ اللّٰه عليهم: فعن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم:
مَنْ حَجَّ ولم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ خَرَجَ مِن ذُنوبه كيومِ وَلَدَتْه أُمُّه 3.
وعنه صلى الله عليه و آله و سلم:
الحُجّاج والعُمّار وَفْدُ اللّٰهِ وزُوّارُهُ، إنْ سألوه أعْطاهم وإنِ اسْتَغْفَروه غَفَرَ لهم، وإنْ دَعَوه اسْتَجابَ لهم، وإنْ شَفَعوا إليه شَفَّعَهم 4.
وعنه صلى الله عليه و آله و سلم:
حجّة مبرورة خيرٌ من الدنيا وما فيها، وحجّةٌ مَبرورةٌ ليس لها أجْرٌ إلّا الجَنّة 5.
وعنه صلى الله عليه و آله و سلم:
مارُئيَ الشيطان في يومٍ هو [ فيه ] أصْغرُ ولا أدْحَرُ ولا أحْقرُ ولا أغْيَظُ منه يومَ عَرَفةَ، وذلك لِما يَرىٰ فيه مِن نُزول الرحمة وتجاوُزِ اللّٰهِ