23حجّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم علىٰ راحلته، وكان تحته رحل رثّ وقطيفة خلقة، قيمته أربعة دراهم، وطاف على الراحلة لينظر الناس إلىٰ هيأته وشمائله، وقال:
«خذوا عنّي مناسككم» .
السابع: أن يخرج رثّ الهيأة، أقرب إلى الشعث، غير مستكثر من الزينة وأسباب التفاخر، فيخرج [ فإذا استكثر خرج ] بذلك عن حزب السالكين وشعار الصالحين.
روي عنه صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: «إنّما الحاجّ الشعث التفث 1، يقول اللّٰه تعالىٰ لملائكته: انظروا إلىٰ زوّار بيتي قد جاؤوني، شعثاً غبراً من كلّ فجّ» 2.
وقال تعالىٰ: « ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ» 3، والتفث: الشعث والإغبرار، وقضاؤه: بالحلق وتقليم الأظفار.
الثامن: أن يرفق بالدابة، ولا يحملها ما لا تطيق.
كان أهل الورع لا ينامون على الدابة إلّاغفوة من قعود.
قال صلى الله عليه و آله و سلم: «لا تتخذوا ظهور دوابّكم كرسيّ» 4.
ويستحب أن ينزل عن دابته غدوّة وعشيّة، يروّحها بذلك، فهو سنّة.
وسرّ ذلك: مراعاة الرقّة والرحمة، والتخلّي عن القسوة والظلم، ولأنّه يخرج بالعسف عن قانون العدل ومراعاة عناية اللّٰه وشمولها، فإنها كما لحقت الإنسان لحقت سائر الحيوان.
التاسع: أن يتقرب بإراقة دمٍ، ويجتهد أن يكون سميناً ثميناً.
روي: أن عمر أهدىٰ نجيبة، فطُلبت منه بثلاثمائة دينار، فسأل رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم أن يبيعها ويشتري بثمنها بُدُناً، فنهاه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم وقال: «بل اهدها» 5، وذلك لأن المقصود ليس تكثير اللحم، وإنما المقصود تزكية النفس وتطهيرها عن رذيلة البُخل وتزيينها بجمال التعظيم للّٰه، « لَن ينالَ اللّٰهَ لحُومُها وَلا