154(5/26 ذراعاً) ولا يمكن إقامة صلاة الجماعة في أحد الجهات الأربع عند كثرة الناس.
ويأتي ما يؤيّد هذا المطلب إن شاء اللّٰه.
وقال باسلامة المكي في موضع آخر من كتابه أيضاً:
إنه لم يكن قبل الإسلام ذكر للمسجد الحرام وإنما كل ما يكون هو مدار الطواف حول الكعبة المعظمة، وذلك لأنه لم يكن في التشريع الجاهلي صلاة يؤدونها حول الكعبة المعظمة وإنما كان المعتاد عند العرب في جاهليتها الطواف حول الكعبة المعظمة فقط. . . فلمّا جاء الإسلام وانبثق نوره واعتنقه أفراد من أهل مكة كان من أسلم منهم يستخفي بصلاته عن المشركين في داره وفي شعاب مكة لئلا يؤذوه، وذلك قبل الهجرة ولم يصّل أحد منهم حول الكعبة المعظمة إلّاعلىٰ سبيل النادر. . . ومكثت مكة علىٰ هذا الحال إلىٰ عام الفتح سنة ثمان من الهجرة. فلمّا فتح رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم مكة منع المسلمين من الهجرة بقوله: «لا هجرة بعد الفتح» فصار بعد ذلك يقيم المسلمون صلاتهم حول الكعبة جهاراً، غير أنه كان سكّان مكة قليلين جداً وهم عبارة عن عدد وجيز؛ لأن معظم أهلها قد التحقوا بعد الهجرة بالجيوش الإسلامية لأداء فريضة الجهاد، والذب عن دين الإسلام. . . ولذلك لم يكن في العصر النبوي ولا في خلافة أبي بكر احتياج إلىٰ توسعة المسجد الحرام؛ لأن سعة مدار المطاف كان كاف لصلاة المسلمين المقيمين بمكة، ولم يقع فيه ضيق على المصلين يلجئهم إلىٰ توسيعه.
ولهذه الأسباب المتقدم ذكرها لم يقع في المسجد الحرام زيادة ولا سعة ولا تغيير ولا تبديل 1.
وحينما كثر الحجاج والمقيمون بمكة المكرمة، وقعت ولأول مرّة زيادة في المسجد الحرام في سنة 17 هجرية ثم وقعت الزيادة الثانية في سنة 26 هجرية. وأما الزيادة الثالثة كانت في