8إعلموا - جميعاً - أن البعد السياسي والاجتماعي للحج لا يتحقق إلّابعد أن يتحقق البعد المعنوي الإلهي.
إن كلمة (لبيك) التي تتلفظون بها هي استجابة كبيرة وعميقة لدعوة الحق تعالى، وبها تنقون صفة الشرك بجميع مراتبها، وعليكم أن تشعروا بذلك أنفسكم وبها تهاجروا بأنفسكم التي هي منشؤ الشرك الكبير نحو الباري جلّ وعلا. وعندئذ تنالون أجركم وهو على اللّٰه تعالى حتى وإن أدرككم الموت في هجرتكم هذه.
في المواقيت الإلهية والمقامات المقدّسة، في جوار بيت اللّٰه المليء بالبركات، راعوا آداب الحضور في الساحة المقدّسة للعليّ العظيم، وحرّروا قلوبكم أيُّها الحجّاج الأعزّاء من جميع الارتباطات المتعلّقة بغير اللّٰه، وأخرجوا من قلوبكم غير حبّ اللّٰه ونوّروها بأنوار التحليات الإلهية، حتىٰ تكون الأعمال والمناسك في سيرها إلى اللّٰه مليئة بمضمون الحج الإبراهيمي وبعده بالحجّ المحمدي، وبمقدار تخفيف الحمل من أفعال الطبيعة يسلم الجميع من أوزار المنىٰ والمنية، وبحمل ثقل معرفة الحق وعشق المحبوب تعودون إلى أوطانكم، وتجلبون للأصدقاء هدايا النعم الإلهية الأزلية بدل الهدايا المادية الفانية، وبقبضات مليئة بالقيم الإنسانية الإسلامية التي بعث لأجلها الأنبياء العظام من إبراهيم خليل اللّٰه إلى محمد حبيب اللّٰه صلّى اللّٰه عليهم وآلهم أجمعين، تلتحقون بالرفاق عشّاق الشهادة. هذه القيم والدوافع التي تحرِّر الإنسان من أسر النفس الأمّارة بالسوء، وتنجّي من الارتباط بالشرق والغرب، وتوصل إلى شجرة الزيتون المباركة اللّاشرقية واللّاغربية.