16خامساً في تسلسل الأركان الأربعة فحسب، بل عدّه العنصر الأصل، والمحور الذي تطوف حوله الأركان الأربعة.
« ربّنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتِكَ ويعلّمهم الكتابَ والحكمةَ ويُزكّيهم إنّك أنت العزيز الحكيم» 1.
اللهم! لئن طلبت منك أن تجعل هذا المكان بلداً، وآمناً، وينعم بالاقتصاد السليم، وأن يعي الناس بعضهم بعضاً. . . وإلى غير ذلك، فلا يمكن أن يتيسر قيام كلّ ذلك دون حكومة سماوية، فابعث فيهم رسولاً مرسلاً من قبلك ليتلو على الناس قوانينك ويعلمها لهم، ويطلعهم على الحِكَم السماوية، ويهذبهم بالتربية الصحيحة.
اللهم! إنّ الذين ينعمون بالأمن والاقتصاد السليم والحريّة، لئن لم يستمدّوا العون من مدرسة وحيك، ستنقلب نعمهم إلى نقمات.
فابعث اللهم فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك، ولا يجعلهم يراوحون في مرحلة قراءة القرآن فحسب، بل يأخذ بأيديهم إلى مرحلة العلم والعمل لكي يفقهوا الكتاب والحكمة، ويصبحوا من أهل الكرامة وتهذيب النفوس و. . . .
ومن هنا يجب القول: بأنّ واجب النبيّ إنّما يكمن في تأسيس وإقامة الحكومة وليس الوعظ والنصح فقط. ولو أن رسالة الأنبياء أمكن اختصارها بالوعظ والنصحية، لأصبحت قوافل الأنبياء علىٰ طول التاريخ غير ذات معنىٰ.
ولها تعرض أكثر الأنبياء للقتل. وهذهِ موارد متعددة من آيات القرآن الكريم تذكر ذلك، وتتحدث عن استشهادهم سلام اللّٰه عليهم:
« قل فلِمَ تقتُلون أنبياءَ اللّٰه من قبلُ إن كنتم مؤمنين» 2.
«
. . . ذلك بأنّهم كانوا يكفرون بآيات اللّٰه ويقتُلون النبيينَ بغير الحقِّ» 3.
«إنَّ الذين يكفُرون بآيات اللّٰه ويقتُلون النبيين بغير حقٍ» 4.