101الحرم المكي الذي جعلته السماء منطقةً آمنةً منزوعة السلاح، ومعزولةً عن الحروب. قال تعالى:
«وإذ حعلنا البيت مثابةً للناس وأمناً» 1فهو قطعة أمن وأمان، لا أنه مكان يتصف بالأمن والأمان فحسب. وهذا من أبلغ التعبير وأدقه. قال تعالى:
«فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومَن دخله كان آمناً» 2.
وقد انعكست عليه صفة الأمن نتيجة لعلاقته بالتوحيد، وكونه عاصمته ومركزه في الأرض. وإذا كان البعد الزماني محدّداً من جهة الزمان، ومطلقاً من جهة المكان، فإنّ البعد المكاني بعكسه محدّد من جهة المكان، ومطلق من جهة الزمان. فحرمة الحرم المكي خاصة بأرض معينة، ولكنها ليست خاصة بزمان معين. ويلتقي البعدان عند حلول الأشهر الحرم في الحرم المكي لتتأكد حرمة القتال، وتتعزّز الحاجة إلى السلم، وتأتي فريضة الحج لتزيدهما حرمة وتأكيد السلم، وليبلغ الشعور السلمي في المجتمع المسلم ذروته وأوجه. ويفترق البعدان بعد ذلك في الباقي من أشهر السنة، حيث يجوز القتال في كلّ أرض. وفي الباقي من الكرة الأرضية حيث يجوز القتال في كلّ وقت.
وللعلة نفسها التي ذكرت سابقاً في البعد الزماني، نجد أنّ الإسلام لم يجعل حرمة القتال في الحرم المكي بصورة مطلقة، فاستثنى القتال الدفاعي. وهذا الاستثناء يجسّد الكمال في نظرية السلم والأمن في الإسلام، لأنّ التحريم المطلق للقتال في الحرم المكي، يعني فسح المجال لظهور فرص واسعة من العدوان والظلم.
وهذا ما يتنافى مع مبدأ الحرم المكي.
قال تعالى: «ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتّىٰ يقاتلوكم فيه» 3.
وهذا يعني أنّ مبدأ الحرم المكي يمثل دعوة إسلاميّة لقيام نظام عالمي، تتبادل فيه الأطراف الدولية الاحترام لمبدأ الحرم المكي من جهة، ولقيام مجتمع