41اليد عن موضع الإحرام في التنعيم الحالي وذلك لعدم حجيّة هذه الأقوال في أنفسها، إذ هي إما أخبار آحاد غير معتبرة وإمّا متعارضة، وحتى إذا كانت أقوال ذوي الخبرة فهي ساقطة بالتعارض، فتبقى السيرة المتلقاة من المسلمين في الإحرام من مسجد التنعيم الحالي الذي يبعد 6 كيلومترات عن المسجد أو حدود مكة القديمة، وهذا خير دليل على بطلان التشكيك المتقدم، فإن هذه السيرة المتلقاة يداً بيد ممن يلتزم الشريعة الغراء نهجاً في حياته، وفي زمن المعصومين عليهم السلام تفيد العلم في معرفة ميقات التنعيم، الذي وقّته رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم، ولو كان هناك أيّ تغيير في الميقات في أي زمان لنقل الينا بصورة واضحة، إذ إن التغيير في العبادات وأماكنها التي شرعها وسنّها رسولُ اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم، مما يوجب اعتراض المسلمين قاطبة، ونقل ذلك التغيير والاعتراض لغيرهم، مع إننا لم نجد في الروايات التي بين أيدينا أيّ تغيير في ميقات التنعيم، نعم نقل عن بعض المؤرخين المعاصرين « تغير موضع العمرة عندما اختل الأمنُ خوفاً على الحجّاج والمعتمرين» بقوله ويقال، وهذا الكلام لا يعتدّ به لأنه لم يعتقد به حتى هذا المؤرخ المعاصر كما تقدم، فهو عبارة عن كلام غير معتبر تردّه السيرةُ القائمة على تعيين موضع الإحرام للعمرة من مسجد التنعيم الحالي من قبل كلّ المسلمين.
هذا وقد ذكر غيرُ واحد من الأصحاب 1هنا الاكتفاء في معرفة هذه المواقيت بالشياع المفيد للظن الغالب، ولعلّه لصحيح معاوية بن عمار عن الإمام الصادق عليه السلام: « يجزيك إذا لم تعرف العقيق أن تسأل الناس والأعراب عن ذلك» 2. ومعنى ذلك أن الشياع الموجود عند المسلمين هو المرجع في تحديد الميقات، لا قول المؤرخ أو الجغرافي، خصوصاً مع التعارض والاختلاف.
2 - جواب التشكيك من الناحية الرياضية:
إن الأقوال المتقدمة في تقدير المسافة الىٰ موضع الإحرام في التنعيم تتمثل في المسافة التالية: « 3 ميل / 4 ميل / 6 ميل / 1 فرسخ / 2 فرسخ / 6 كم / 12 كم» تقريباً. فهل يمكن أن نرجع هذا الاختلاف في المسافة الىٰ اختلاف أسباب العدّ مع كون الموضع الذي يحرم منه هو الموضع الحالي؟
الجواب: نعم يمكننا ذلك؛ لأن تقدير المسافة يختلف لأسباب متعددة