191يمتاز هذا الفصل على غيره بما فيه من جوانب فقهية وأبعادٍ أخلاقية. وفيه نصوص تلفت النظر للتعرّف على فتاوى الفقهاء في صدر الإسلام. ويشتمل أيضاً على أحاديث تستوجب الاهتمام في آداب الزيارة وما ينبغي أن يتحلّىٰ به الزائر من صفات. وتمثل خاتمة الفصل عرضاً لضرورة المسارعة في أداء فريضة الحجِّ واجتناب التهاون فيها.
تحدّث مؤلّف الكتاب في الفصل الخامس، وهو الفصل الأخير في المجلّد الأوّل (440 - 481) عن مقام إبراهيم وفضيلته، وأشار أثناء ذلك إلى قيام إبراهيم في المقام، والأثر الذي يمكن مشاهدته عليه، والجلوس خلف مَقام إبراهيم والصلاة فيه، والبيعة بين الركن والمقام وسوى ذلك من الأمور الأخرى المتعلّقة فيه. ويضم هذا الفصل بين ثناياه نُصوصاً تاريخية على قدر كبير من الأهمية. ويلاحظ في هذا الفصل وجود أحاديث تتحدث عن الإمام المهدي (عج) من جملتها الرواية التالية:
« يبايع المهدي بين الحجر والمقام على عدّة أهل بدر، ثلاثمائة وثلاثة عشر» 1.
يتناول الفصل السادس (ج2، 5 - 86) بئر زمزم وكيفيته وتاريخه والفصول التاريخية التي تناوبته على مرّ الزمن. يركّز هذا الفصل على النمط الذي يتمّ به حفر بئر زمزم للمرّة الأولىٰ، وطريقة الاستفادة منه في الأدوار التاريخية المتعاقبة. وفيه أيضاً نصوص وأخبار عن قدسيّة ماء زمزم عند الشعوب، وسقيه وحمله للمرضىٰ للاستشفاء به. وفي هذا الفصل أيضاً وردت أسماء زمزم والعيون المتكونة منه وكيفية البناء عليه. ومن الأخبار التي يمكن العثور عليها في هذا الفصل هي الأخبار المتعلّقة ببئر زمزم ومكانته، ومن الذي كان يتولى أمره والحفاظ عليه على مرّ الدهر وتعاقب الدول. تندرج المواضيع والأخبار المختصّة بزمزم خلال الأدوار التاريخية تحت 19 عنواناً يضم 129 حديثاً وخبراً. فقد كان لزمزم وكيفية الاستسقاء منه على مرّ التاريخ دورٌ لا يُستهان به في بناء التركيب السياسي والاجتماعي لنظام القبيلة في تلك الربوع آنذاك. وتشتمل تلك الأخبار على مواضيع مهمّة عن أهمية ودور ذلك المقام في المسائل المذكورة.
ويُعدّ الفصل السابع (ج2، 86 - 209) من الفصول المهمّة في الكتاب. يشرح هذا الفصل ما يتعلق بالمسجد الحرام وفضله وأحكامه. وفيه أيضاً ذكر للحدود الدقيقة لأبعاده والصورة التي كان عليها بناؤه الأول، وما أُضيف عليه إلى عهد الفاكهي، ومن المواضيع المهمّة التي وردت في هذا الفصل هي الصلاة في المسجد الحرام وأحكامها والنوم فيه، والآراء التي طرحها علماء وفقهاء ذلك العصر، وكذلك كيفية استفادة المسلمين من المسجد الحرام في ذلك اليوم.
وفضيلة الأذان، والمؤذن الذي عُيّن فيه. وتحدّث كذلك عن حكم الاعتكاف، وما يجوز وما لا يجوز فيه من أنواع التصرّفات والأعمال. ثمّ ذكر الإضافات التي ألحقت به وفقاً لترتيبها التاريخي، مع وصف دقيق لبناء المسجد والمسافات والفواصل التي كانت موجودة في ذلك الحين، مضيفاً إليها ما كان موجوداً من قناديل وزينة ومنائر وبيوت متّصلة به.
وهذا الفصل هو من الفصول التي ينبغي الاهتمام بها؛ نظراً لما يحتويه من مواضيع فقهية وتاريخية واجتماعية مهمّة، كان لها دورها في تاريخ الإسلام وفي معرفة دور المسجد الحرام في التحوّلات السياسية التي حصلت في صدر