107
2- أبو الحسن الماوردي:
"ان لا يستوطنه - الحجاز - مشرك من ذمي ولا معاهد، وجوّزه أبو حنيفة، وقد روي. . . . . : كان آخر ما عهد به رسول الله (صلّي الله عليه وآله وسلم) أن قال: لا يجتمع في جزيرة العرب دينان. وأجلي عمر بن الخطاب أهل الذمة عن الحجاز، وضرب لمن قدم منهم - تاجراً أو صانعاً - مقام ثلاثة أيام، ويخرجون بعد انقضائها" (16) .
3- ابن قيم الجوزية:
ما معناه: "قال مالك: ينبغي اجلاء الكفار من كل جزيرة العرب، وقال الشافعي: أن يمنعوا من الحجاز كلها، وهي عبارة عن مكة والمدينة واليمامة وأطرافها.
أما غير الحرم منه فحكمه أن يمنع الكافر الكتابي وغير الكتابي من السكن فيه والاقامة، ويستطيع أن يدخله بجواز من الامام لمصلحة معينة نحو إيصال رسالة أو حمل سلعة يحتاجها المسلمون" (17) .
4- ابن الأثير:
ما معناه: "قال الطبري بان علي الامام أن يخرج غير المسلم من أية مدينة يتغلب عليها المسلمون، لو لم يكن للمسلمين بهم حاجة، كالعمل في الأرض وغير ذلك، وبسبب هذه الحاجة القاهم عمر في العراق والشام.
اعتقد الطبري أن الحكم لا يختص بجزيرة العرب وحسب، بل يلحق بها كل مكان في حكمها" (18) .
يتضح من الفقرات المقتبسة أعلاه أن معظم المسلمين يعتقدون بعدم جواز سكن غير المسلمين وإقامتهم في الحجاز أو الجزيرةالعربية، سوي ابي حنيفة الذي جوّز ذلك.
ويبدو أن حكم المسألة واضح بين فقهاء الشيعة بلحاظ الإِجماع الذي أشار إليه العامة الحلي في المنتهي والتذكرة، ولم يُنقل عن الفقهاء شيء بخلاف ذلك. ولكن ما هي حدود الحجاز والجزيرة العربية؟
وهل يمكن قبول هذا الحكم المخالف للقواعد والعمومات بشكل عام، وفي جميع الحالات التي يُحتمل وجود شمول عام فيها، أم ينبغي الاكتفاء بالقدر المتيقن؟ وما هو القدر المتيقن؟
قيل في تعريف جزيرة العرب والحجاز الكثير، وينقل المحقق عن بعض تلك الأقوال، فيقول: إن المراد من الحجاز مكة والمدينة، والمراد من جزيرة العرب مكة والمدينة واليمن وتوابعها. وينقل عن آخرين القول في أن المراد من جزيرة العرب هي: المنطقة المحصورة بين عدن وعبادان طولاً، وبين تهامة وأطراف الشام عرضاً (19) .
ويعتقد العلاّمة الحلّي: بأن المراد من جزيرة العرب الحجاز، والحجاز عبارة عن مكة والمدينة واليمامة وخيبر وينبع وفدك وأطرافها، ويقال لها الحجاز لأنها تحجز بين نجد وتهامة، ويضيف العلاّمة في سبب تخصيص جزيرة العرب بالحجاز، بأنه لو لم يكن ذلك لوجب إخراج أهل الذمة من اليمن أيضاً (20) .
يقول الشوكاني: قال الأصمعي: إنّ جزيرة العرب عبارة عمَّا بين عدن إلي العراق طولاً، ومن جدة إلي اطراف الشام عرضاً، وسبب اطلاق الجزيرة عليها؛ إحاطتها ببحر الهند وبحر فارس والحبشة.
وقال صاحب القاموس: إنّ جزيرة العرب، منطقة أحاط بها بحر الهند وبحر الشام ودجلة والفرات، أو أن نقول من عدن إلي أطراف الشام، ومن جدة إلي ريف العراق (21) .