9ومنه ترك قساوة القلب، وخساسة الأنفس، ونسيان الذكر، وانقطاع الرجاء والأمل، وتجديد الحقوق، وحظر الأنفس عن الفساد، ومنفعة مَن في المشرق والمغرب، ومَن فيالبرّ والبحر ممّن يحجّ وممّن لا يحجّ؛ مِن تاجر وجالب وبايع ومشترٍ وكاسب ومسكين، وقضاء حوائج أهل الاطراف، والمواضع الممكن لهم الاجتماع فيها، كذلك « ليشهدوا منافع لهم » 1.
وعنه عليه السلام في علّة الطواف بالبيت: أنّ اللّٰه تبارك وتعالىٰ قال للملائكة: «إِنِّي جٰاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قٰالُوا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ الدِّمٰاءَ » فردّوا على اللّٰه هذا الجواب، فعلموا أنّهم أذنبوا فندموا فلاذوا بالعرش فاستغفروا. فأحبّ اللّٰه أن يتعبّد بمثل ذلك العباد، فوضع في السماء الرابعة بيتاً بحذاء العرش يُسمّى الضُراح، ثم وضع في السماء الدنيا بيتاً يسمّىٰ (البيت المعمور) ثم أمر آدم فطاف به، فتاب اللّٰه عليه، وجرىٰ ذلك في ولده الىٰ يوم القيامة 2.
اختبار الخلق بالكعبة المقدّسة
في الخطبة القاصعة من نهج البلاغة ، قال الإمام عليّ عليه السلام : .. ولكنّ اللّٰه - سبحانه - أراد أن يكون الاتّباع لرسله، والتّصديق بكتبه، والخشوع لوجهه، والاستكانة لأمره، والاستسلام لطاعته، أموراً له خاصّةً لا تشوبُها من غيرها شائبة. وكلّما كانت البلوىٰ والاختبار أعظم، كانت المثوبة والجزاء أجزل.
ألا ترون أنّ اللّٰه - سبحانه - اختبر الأوّلين من لدن آدم - صلوات اللّٰه عليه - إلى الآخرين من هذا العالم؛ بأحجار لاتضرّ ولا تنفع، ولاتبصر ولاتسمع، فجعلها بيته الحرام « الذي جعله للنّاس قياماً » . ثم وضعه بأوعر بقاع الأرض حجراً، وأقلّ نتائق الدنيا مدراً، وأضيق بطون الاودية قطراً. بين جبال خشنة، ورمال دَمِثَة، وعيون وشلة، وقرًى منقطعة، لايزكو بها خفٌ ولا حافر ولا ظلف. ثم أمر آدم عليه السلام