170و من هذا قول رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) : «نية المؤمن خير من عمله» ، و ذلك أنه ينوى فعل الخير فيحول بينه و بين فعله حائل فيؤجر على ما نواه من ذلك، و إن لم يعمل به و يعمل الخير و لا ينوى به وجه اللّه فلا ينفعه ذلك العمل، كما يكون من قام و قعد و ركع و سجد و هو لا ينوى بذلك الصلاة غير مصل، و الممسك عن الطعام و الشراب و غير ذلك مما يحرم على الصائم نهاره و هو لا ينوى الصيام غير صائم، و النية كما ذكرنا مثلها مثل الولاية، فالولاية أفضل من العمل لأن من تولى اللّه و أولياءه و حيل بينه و بين العمل فلم يعمل انتفع بالولاية، و من عمل و لم يتول اللّه و أولياءه لم ينفعه العمل، و قد أوضحنا ذلك و بيناه فى غير موضع مما تقدم، فافهموا أيها المؤمنون ما تسمعون فهمكم اللّه و وفقكم لما يرضيه عنكم و صلى اللّه على محمد نبيه و على الأئمة الهداة من ذريته و سلم تسليما، و حسبنا اللّه و نعم الوكيل.
المجلس الثانى من الجزء العاشر: [ذكر التمتع بالعمرة إلى الحج]
بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه فاطر كل مفطور و مقدره، و خالق كل مخلوق و مصوره و بارىء كل مبروء و مدبره، منزل الماء الثجاج من المعصرات، و فالق الحب و منبت النبات و رازق العباد و مقدر الأقوات، و صلى اللّه على محمد نبيه المختار للنبوة و على وصيه على المخصوص بالوصية و على الأئمة من ذريته أفضل البرية، ثم إن الذى يتلو ما تقدم من تأويل الحج من كتاب دعائم الإسلام قول الصادق جعفر بن محمد عليه السلام، أفضل الحج التمتع بالعمرة إلى الحج، و هو الذى نزل به القرآن و قام بفضله رسول اللّه فأمر الناس به صلى اللّه عليه و سلم، و كان قد ساق الهدى فى حجة الوداع، فلما انتهى إلى مكة طاف بالبيت و سعى بين الصفا و المروة و أنزل اللّه عز و جل عليه فى أمر المتعة ما أنزل فقال:
لو استقبلت من أمرى ما استدبرت لم أسق الهدى و لجعلتها متعة، فمن لم يكن معه هدى فليحلل، فحل الناس و جعلوها عمرة إلا من كان معه هدى، فإنه لم يحلل لقول اللّه جل من قائل: «وَ لاٰ تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّٰى يَبْلُغَ اَلْهَدْيُ مَحِلَّهُ» ، ثم أحرم الذين أحلوا للحج من المسجد الحرام يوم التروية، فهذا وجه التمتع بالعمرة إلى الحج لمن لم يكن من أهل الحرم، كما قال اللّه عز و جل: «ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي