165
الجزء العاشر من كتاب تربية المؤمنين بالتوقيف على حدود باطن علم الدين
المجلس الأول من الجزء العاشر: [ذكر ما يحرم على المحرم، و ما يجب إذا أتى إلى ذلك]
بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه بازغ النبات و مقدر الأقوات و مميت الأحياء و باعث الأموات، و صلى اللّه على محمد نبيه و على الأئمة من ذريته أفضل الصلوات.
ثم إن الذى يتلو ما تقدم ذكره من تأويل الحج من كتاب دعائم الإسلام نهى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام أن يمس المحرم طيبا و لا يلبس قميصا و لا سراويل و لا عمامة و لا قلنسوة و لا خفّا و لا جوربا و لا قفازا و لا برقعا و لا ثوبا مخيطا ما كان و لا يغطى رأسه، و قال و المرأة تلبس الثياب و تغطى رأسها و إحرامها فى وجهها يعنى أنها لا تغطيه و ترخى عليه الرداء شيئا من فوق رأسها يعنى على وجهها و لا تستره، فهذا هو الواجب فى الظاهر على من أحرم بالحج أو العمرة، و الذى يؤمر به أن يفعله و يتوقاه فى إحرامه مادام محرما حتى يحل من الإحرام، و تأويل ذلك فى الباطن ما قد تقدم القول به من أن مثل الحج فى التأويل القصد إلى إمام الزمان إمام الحق لتوليه و الدخول فى جملته و التدين بإمامته، و أن مثل من أحرم بالحج فى الظاهر مثل من أخذ عليه العهد لإمام زمانه، و لم يؤذن له بعد فى المفاتحة بما فوتح به من علم باطن الشريعة، و قد بينا فيما تقدم معنى الإحرام و أنه المنع، فالمعاهد يدعى محرما منذ أخذ العهد عليه إلى أن يوقف على معالم باطن الشريعة التى ينبغى أن يوقف عليها من أخذ العهد عليه و ينتهى إلى حد البلوغ، و توجب له أحواله و أعماله الإطلاق فتطلق له المفاتحة بما سمعه من علم باطن الشريعة كما يكون كذلك المحرم فى الظاهر بالحج ممنوعا مما يمنع منه المحرم إلى أن يقضى الحج و يقف على مشاهده و معالمه و مناسكه فإذا فعل ذلك حل من إحرامه، و تأويل ما قاله الصادق جعفر بن محمد صلوات اللّه عليه أن المحرم لا يمس طيبا و لا يلبس قميصا و لا سراويل ما قد تقدم القول به من أن مثل الطيب مثل حد من حدود علم التأويل، ليس مما ينبغى أن يفاتح المحرم به و أن مثل القميص و السراويل مثل ظاهر أهل الباطل و تأويلهم لأنه ملفق، من آرائهم و أهوائهم كما يلفق القميص، و هو مثل لظاهرهم و السراويل و هو مثل باطنهم، و هو تأويلهم الذى يتأولونه