34
فإنّ صورة ذلك كلّه متحدة، و لكنّها حقائق مختلفة.
و بالجملة: وحدة الصورة لا تكشف عن وحدة الحقيقة، بل الأدلة و الروايات تدل على العكس، فإن الروايات الواردة في المقام الدالة على عدم إجزاء حجّ الصبي عن حجّة الإسلام تكشف عن اختلاف الحقيقة، و كذا الروايات الواردة في عدم إجزاء حجّ العبد، و كذا حجّ المتسكع، فإن الحكم بالإجزاء أو عدم الإجزاء يكشف عن اختلاف الحقيقة، و أن حجّة الإسلام لها عنوان خاص تختلف حقيقته عن حجّ الصبي و إن كان مشابهاً مع حجّ الصبي صوره، فإن حجّ الإسلام مما بُني عليه الإسلام بخلاف حجّ الصبي، و لذا لا يكون مجزئاً عن حجّ الإسلام.
و بعبارة اُخرى: هذه الروايات الدالة على الإجزاء و عدمه تكشف عن الاختلاف في الحقيقة بين المجزي و المجزى عنه، فإن المجزي غير المجزى عنه، إذ لا معنى لكون الشيء مجزئاً عن نفسه، فإن أجزاء شيء عن شيء يقتضي الاثنينية و الاختلاف بينهما.
و لو سلمنا أن الحجّ حقيقة واحدة فلا نسلم المقدمة الثانية، فإن إطلاق الروايات الدالّة على عدم إجزاء حجّ الصبي يشمل ما إذا بلغ أثناء العمل و قبل إتمامه كصحيحة إسحاق بن عمار 1، فإن صدرها و إن كان وارداً بالنسبة إلى الصبي و هو ابن عشر سنين، و تصوير البلوغ بالاحتلام في أثناء الحجّ في حقه بعيد جدّاً، و لكن ذيلها وارد في الجارية و أنّ عليها الحجّ إذا طمثت، و تصوير حدوث الطمث من الجارية أثناء الحجّ أمر ممكن. و بالجملة: مقتضى إطلاق الصحيحة عدم الفرق في عدم الإجزاء بين حدوث الطمث بعد تمام الأعمال و بين حدوثه في أثناء الحجّ، و يؤيد الإطلاق المذكور ما التزموا به من عدم الإجزاء إذا بلغ بعد الموقفين و قبل إتمام بقية الأعمال، و الظاهر أنهم استندوا في هذا الحكم إلى هذه الروايات، و يكشف ذلك عن إطلاق الروايات و يبعد استنادهم إلى الإجماع التعبّدي.