33
و أجاب عنها في المتن بأن موردها من لم يحرم، و محل كلامنا من أحرم سابقاً لغير حجّة الإسلام، فلا تشمل الأخبار مورد الكلام.
و فيه: أن مورد الروايات ليس من لم يحرم، بل موردها من ترك الوقوف بعرفة عن غير عمد، و إنما تركه لمانع كما إذا حبس أو منعه مانع و نحو ذلك مما يوجب ترك الوقوف بعرفة و أدرك المشعر، ففي هذا المورد دلت الروايات على أن من أدرك المشعر فقد أدرك الحجّ، سواء كان قبل ذلك محرماً أم لم يكن محرماً.
و الصحيح في الجواب أن يقال: إن تلك الروايات في مقام بيان تصحيح الحجّ، و أنه من أدرك المشعر فقد صحّ حجّه، و المفروض أن الحجّ في المقام صحيح و مشروع، و إنما الكلام في إجزائه عن حجّة الإسلام و عدمه، فالروايات أجنبية عن المقام.
و قد استدل بوجه رابع، و هو أحسن الوجوه المتقدمة، و حاصله: أن الحجّ طبيعة واحدة مشتركة بين الصبي و البالغ، و إنما الاختلاف في الحكم، بمعنى أنه مستحب لطائفة و واجب على طائفة أُخرى كالبالغين، و لا اختلاف في الموضوع، نظير الصلاة فإنه إذا بلغ الطفل أثناء الصلاة أو بعدها في أثناء الوقت، لا يجب عليه إعادة الصلاة لأنها طبيعة واحدة و قد أتى بها، و لا موجب للإعادة، فالسقوط على طبق القاعدة. نعم، وردت النصوص أن حجّ الصبي إذا وقع بتمامه حال الصغر لا يجزئ، و بهذا المقدار نخرج عن مقتضى القاعدة، و لو لا النص لقلنا بالإجزاء حتى إذا بلغ بعد إتمام الحجّ.
و الجواب: أنه قد ظهر من بيان الاستدلال توقفه على إثبات مقدمتين:
الاُولى: أن الحجّ حقيقة واحدة كالصلاة، غاية الأمر واجب بالنسبة إلى بعض و مندوب بالنسبة إلى آخرين، فالحج الصادر من الصبي عين الحجّ الصادر من البالغ.
الثانية: أن الروايات الدالة على عدم إجزاء حجّ الصبي عن حجّة الإسلام لا تشمل ما إذا بلغ في أثناء الحجّ. و إثبات كليهما ممنوع.
أمّا الأُولى: فلم يدل عليها أي دليل غير اتحاد الصورة، و هو لا يكشف عن وحدة الحقيقة، نظير صلاة النافلة و الواجبة و القضاء و الأداء و صلاة الظهر و صلاة العصر